ويعبدون ، وهم الكفار أي : ولا يستطيع هؤلاء مع أنهم أحياء متصرفون أولو ألباب من ذلك شيئا ، فكيف بالجماد الذي لا حس به؟ قاله الزمخشري. وقال ابن عطية : لا يستطيعون ذلك ببرهان يظهرونه وحجة يثبتونها انتهى.
ونهى تعالى عن ضرب الأمثال لله ، وضرب الأمثال تمثيلها والمعنى هنا : تمثيل للإشراك بالله والتشبيه به ، لأن من يضرب الأمثال مشبه حالا بحال. وقصة بقصة من قولهم : هذا ضرب لهذا أي : مثل ، والضرب النوع. تقول : الحيوان على ضروب أي أنواع ، وهذا من ضرب واحد أي : من نوع واحد. وقال ابن عباس : معناه لا تشبهوه بخلقه انتهى. وقال : إن الله يعلم أثبت العلم لنفسه ، والمعنى : أنه يعلم ما تفعلون من عبادة غيره والإشراك به ، وعبر عن الجزاء بالعلم : وأنتم لا تعلمون كنه ما أقدمتم عليه ، ولا وبال عاقبته ، فعدم علمكم بذلك جركم وجرأكم وهو كالتعليل للنهي عن الإشراك. قال الزمخشري : ويجوز أن يراد أنّ الله يعلم كيف نضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون انتهى. وقاله ابن السائب قال : يعلم بضرب المثل ، وأنتم لا تعلمون ذلك. وقال مقاتل : يعلم أنه ليس له شريك ، وأنتم لا تعلمون ذلك. وقيل : يعلم خطأ ما تضربون من الأمثال ، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطته.
ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧) وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٧٩) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ