للكافر ، والذي يأمر بالعدل المؤمن. وقال قتادة : هذا مثل لله تعالى ، والأصنام فهي الأبكم الذي لا نطق له ولا يقدر على شيء ، وهو عيال على من والاه من قريب أو صديق ، كما الأصنام تحتاج أن تنقل وتخدم ويتعذب بها ، ثم لا يأتي من جهتها خير البتة. وعن قتادة أيضا وغيره : هذا مثل ضربه الله لنفسه وللوثن ، فالأبكم الذي لا يقدر على شيء هو الوثن ، والذي يأمر بالعدل هو الله تعالى ، وهذا ليس كذلك لأنه قال : مثلا رجلين ، فلا بد أن يكون عديل الأبكم الموصوف بتلك الصفات ، ومقابله رجل موصوف بما يقابل تلك الصفات من النطق والقدرة والكفاية ، ولكنه حذف المقابل لدلالة مقابله عليه ، ثم قيل : هل يستوي ذلك الأبكم الموصوف بتلك الصفات ، وهذا الناطق : ففي ذكر استوائهما أيضا دليل على حذف المقابل. ولما كان البكم هو المبدأ به من الأوصاف ، وعنه تكون الأوصاف التي بعده قابلة في الاستواء بالنطق ، وثمرته من الأمر بالعدل غيره وهو في نفسه على طريقة مستقيمة ، فحيثما توجه صدر منه الخبر ونفع ، وليس بكالّ على أحد. وقد تقرر في بداية العقول أنّ الأبكم العاجز لا يكون مساويا في العقل والشرف للناطق القادر الكامل مع استوائهما في البشرية ، فلأن يحكم بأنّ الجماد لا يكون مساويا لرب العالمين في العبودية أحرى وأولى. وكما قلنا في المثل السابق : لا يحتاج إلى تعيين المضروب بهما المثل ، فكذلك هنا ، فتعيين الأبكم بأبي جهل ، والآمر بالعدل : بعمار ، أو بأبيّ بن خلف ، وعثمان بن مظعون ، أو بهاشم بن عمرو بن الحرث كان يعادي الرسول صلىاللهعليهوسلم لا يصح إسناده.
وقرأ عبد الله ، وعلقمة ، وابن وثاب ، ومجاهد ، وطلحة يوجه بهاء واحدة ساكنة مبنيا ، وفاعله ضمير يعود على مولاه ، وضمير المفعول محذوف لدلالة المعنى عليه. ويجوز أن يكون ضمير الفاعل عائدا على الأبكم ، ويكون الفعل لازما وجه بمعنى توجه ، كان المعنى : أينما يتوجه. وعن عبد الله أيضا : توجهه بهاءين ، بتاء الخطاب ، والجمهور بالياء والهاءين. وعن علقمة وابن وثاب ، وطلحة ، يوجه بهاء ، واحدة ساكنة ، والفعل مبني للمفعول. وعن علقمة ، وطلحة : يوجه بكسر الجيم وهاء واحدة مضمومة. قال صاحب اللوامح : فإن صح ذلك فإنّ الهاء التي هي لام الفعل محذوفة فرارا من التضعيف ، ولأن اللفظ به صعب مع التضعيف ، أو لم يرد به الشرط ، بل أمر هو بتقدير أينما هو يوجه ، وقد حذف منه ضمير المفعول به ، فيكون حذف الياء من لا يأت بخير على التخفيف نحو : يوم يأت. وإذا يسر انتهى. ولا يخرج أين عن الشرط أو الاستفهام. وقال أبو حاتم : هذه القراءة ضعيفة ، لأن الجزم لازم انتهى. والذي توجه عليه هذه القراءة إن صحت أنّ أينما شرط