القرآن. وقال الضحاك وزيد بن أسلم عكس هذا ، وقال أبو سعيد الخدري : الفضل القرآن ، والرحمة أن جعلهم من أهله. وقال ابن عباس فيما روى الضحاك عنه : الفضل العلم والرحمة محمد صلىاللهعليهوسلم. وقال ابن عمر : الفضل الإسلام ، والرحمة تزيينه في القلوب. وقال مجاهد : الفضل والرحمة القرآن ، واختاره الزجاج. وقال خالد بن معدان : الفضل القرآن ، والرحمة السنة. وعنه أيضا أنّ الفضل الإسلام ، والرحمة الستر. وقال عمرو بن عثمان : فضل الله كشف الغطاء ، ورحمته الرؤية واللقاء. وقال الحسين بن فضل : الفضل الإيمان ، والرحمة الجنة. وقيل : الفضل التوفيق ، والرحمة العصمة. وقيل : الفضل نعمه الظاهرة ، والرحمة نعمه الباطنة. وقال الصادق : الفضل المغفرة ، والرحمة التوفيق. وقال ذو النون : الفضل الجنان ، ورحمته النجاة من النيران. وهذه تخصيصات تحتاج إلى دلائل ، وينبغي أن يعتقد أنها تمثيلات ، لأن الفضل والرحمة أريد بهما تعيين ما ذكر وحصرهما فيه.
وقال ابن عطية : وإنما الذي يقتضيه اللفظ ويلزم منه أنّ الفضل هو هداية الله إلى دينه والتوفيق إلى اتباع الشرع ، والرحمة هي عفوه وسكنى جنته التي جعلها جزاء على اتباع الإسلام والإيمان. ومعنى الآية : قل يا محمد لجميع الناس بفضل الله وبرحمته فليقع الفرح منكم ، لا بأمور الدنيا وما يجمع من حطامها ، فالمؤمنون يقال لهم : فليفرحوا وهم ملتبسون بعلة الفرح وسببه ، ومخلصون لفضل الله منتظرون لرحمته ، والكافرون يقال لهم : بفضل الله ورحمته فليفرحوا على معنى أن لو اتفق لكم أو لو سعدتم بالهداية إلى تحصيل ذلك انتهى. والظاهر أن قوله : قل بفضل الله وبرحمته ، فبذلك فليفرحوا جملتان ، وحذف ما تتعلق به الباء والتقدير : قل بفضل الله وبرحمته ليفرحوا ، ثم عطفت الجملة الثانية على الأولى على سبيل التوكيد. قال الزمخشري : والتكرير للتقرير والتأكيد ، وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح دون ما عداهما من فوائد الدنيا ، فحذف أحد الفعلين لدلالة المذكور عليه ، والفاء داخلة لمعنى الشرط كأنه قيل : إن فرحوا بشيء فليخصوهما بالفرح ، فإنه لا مفروح به أحق منهما. ويجوز أن يراد بفضل الله وبرحمته فليعتنوا بذلك ، فليفرحوا. ويجوز أن يراد قد جاءتكم موعظة بفضل الله وبرحمته فبذلك أي : فبمجيئهما فليفرحوا انتهى. أما إضمار فليعنتوا فلا دليل عليه ، وأما تعليقه بقوله : قد جاءتكم ، فينبغي أن يقدر ذلك محذوفا بعد قل ، ولا يكون متعلقا بجاءتكم الأولى للفصل بينهما بقل. وقال الحوفي : الباء متعلقة بما دل على المعنى أي : قد جاءتكم الموعظة بفضل الله. وقيل : الفاء الأولى