يأخذهما بسيفه فهما عندي ، وأنا لست راحلا من هذا المكان ، فليكلف خاطره ويحضر ، وأن ما ركبت حالا قتلتك. فاصفر وجه الجوخدار وارتعب وقال : أنا ما هو ذنبي ، ما على الرسول (١) إلا البلاغ. فنهضت أنا وأمسكت يد الدريعي وقلت له : يا سيدي استرح ، نحن كفؤون لتدبير هذه المادة. نحن نكتب إلى الباشا ونريك الجواب. فبعد رجاء كبير رضي أن نكتب للباشا من طرفنا. وكان بين الباشا والمعلم حاييم والشيخ إبراهيم معرفة ومحبة عظيمة ، والسبب أنه حين كانت العمارة (٢) الفرنسية في مصر تزوج الشيخ إبراهيم واحدة كرجية من سراري مراد بك ، فأخبرته بعد مدة أنها بنت عم سليمان باشا والي عكا. ثم أخذها معه إلى باريس ، وحين رجوعه من باريس إلى بر الشام ، أحضرها معه ودخل (٣) عكا وأخذ بيتا ووضع لها خداما وواجه الباشا ورأى أن الأمر صحيح ، وعمل له سعادته إكراما زائدا وأهداه تحفا عظيمة ، وهي كان أكثر إقامتها في بيت الباشا ، والمعلم حاييم قام بواجبه بإكرام ١ / ٤٤ ووقار زائد ، أولا لأنه (٤) متزوج بنت / عم الباشا ، وثانيا احتراما لقدره لأنه من أكابر بلاد الإفرنج وأشرافها ، وكما هو معلوم أن بيت لاسكاريس دي فنتميل كان مشهورا ، ثالثا إجلالا لعلمه ومعرفته. ثم قال لي اكتب من طرفي مكتوبا إلى جناب المعلم حاييم ، ويكون بهذه الألفاظ كما سنوضحه لمسامعكم الكريمة :
جناب المهاب ، فسيح الرحاب ، حضرة عمدة الأحباب ، الأجل الأكرم الخواجا حاييم ، بعد السؤال عن شريف خاطركم والمعروض لمحبتكم بخصوص مادة محبنا الأمير الدريعي ، فجميع ما بلغ سعادته من أقوال الوشاة لا أصل له ، فالإفرنج الجواسيس (٥) هم أنا وترجماني فتح الله صايغ ، فالمرجو من همتكم أن تعرضوا ذلك على سعادته وتعلموه بما ذكرنا ، وتصفّوا خاطره وترسلوا لنا بولردي من سعادته إلى الدريعي يكون بضد البولردي السابق ، وتزيدوا به وتفضلوه على كامل القبائل والعشائر ، وتأمروهم أن يكونوا في طاعته ، ولكم بذلك الفضل وتصيّروننا ممنونين حبكم إلى الأبد ، وأطال الله بقاءكم آمين. وختمناه وسلمناه إلى الجوخدار وتوجه حالا إلى دمشق.
__________________
(١) «المرسال».
(٢) الأسطول ، وهو يريد القوات المسلحة.
(٣) «فات على».
(٤) أي لاسكاريس.
(٥) «الدواسيس».