قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

رحلة فتح الله الصايغ الحلبي

رحلة فتح الله الصايغ الحلبي

رحلة فتح الله الصايغ الحلبي

تحمیل

رحلة فتح الله الصايغ الحلبي

13/347
*

عرضناها عرضا سريعا لا يعطي إلا فكرة خاطفة وغير كاملة عن محتوياتها ، ولو أردنا أن نذكر جميع ما جاء فيها من حوادث وأخبار ، وخاصة عن الوهابيين وعادات العرب لطال بنا المقام. وهي في الوقت نفسه وثيقة هامة عن أحوال بادية الشام وعن بعض القرى والبلدان السورية في أوائل القرن التاسع عشر.

ومن الجدير بالذكر أن مذكرات الصايغ التي تنشر اليوم لأول مرة باللغة العربية ، عرفها الغرب منذ أكثر من مئة وخمسين سنة ، وأشاد بها عدد من كبار أصحاب الرحلات (منهم اللادي بلانت) والمستشرقين ، إذ ترجمت إلى الفرنسية على يد الشاعر الرومانتيكي لامرتين ، وصدرت في الجزء الرابع من كتابه «رحلة إلى الشرق» (الطبعة الأولى ، سنة ١٨٣٥). أما القارئ العربي فما زال يجهلها ، بل يجهلها أيضا أصحاب كتب التراجم ، منهم الزركلي في أعلامه إذ يقول عن فتح الله الصايغ : كان ترجمانا للقنصلية الفرنسية ، ورحل من حلب في أواخر سنة ١٢٢٥ (١٨١٠) إلى بادية الشام مع المسمى تيودور لاسكاريس ، فصنف بعد الرحلة «كتاب المقترب في حوادث الحضر والعرب» (انتهى). والحقيقة أن الصايغ كتب أولا مذكراته التي اشتراها لا مرتين سنة ١٨٣٢ ، وصنف بعد عشر سنوات الكتاب الذي ذكره الزركلي ، وهو ضعيف المادة ، قليل الفائدة ، بخلاف المذكرات التي نالت إعجاب لا مرتين ، حتى أنه حرص على أن تكافئ الحكومة الفرنسية مؤلفها «لأجل الخدمات التي قدمها لعلم الجغرافيا وأخلاق الأمم» ، فعينته وكيلا في قنصليتها بحلب سنة ١٨٤٧. ونجهل أيضا تاريخ وفاته ، ويعلمنا عمر كحّالة ، في معجم المؤلفين ، أن الصايغ كان حيا سنة ١٢٢٥ أي سنة ١٨١٠ م. وكان عمره يومئذ عشرين سنة!.

ولا يغفل لا مرتين عن ذكر الأسباب التي جعلته يهتم بمذكرات السائح السوري ، ويخبرنا أيضا كيف تم له الحصول عليها فيقول : كنت نازلا في وسط الصحراء التي تمتد من طبريا إلى الناصرة ، وكنا نتحدث عن القبائل التي التقينا بها خلال ذلك اليوم. فأعربت لدليلي عن رغبتي في التعرف بالبعض منها والعيش معها ردحا من الزمن ، وتتبع خطواتها من دمشق إلى شواطئ الفرات لكشف اللثام عن حضارة الصحراء ، ولكن لم يبق لدينا الوقت الكافي لمثل هذه المغامرة