تلك الليلة وثاني يوم ركب ذلوله وأخذ معه زوادته وسار يسعى وراءهما. فبعد يومين وصل مساء إلى نزل عرب فارس يقال لهم الموايجه ، قبيلة عظيمة. فنزل في بيت صغير حقير عند عجوز تعيش وحدها (١) ليس لها أحد. فقالت له العجوز : يا سيدي أنا امرأة فقيرة ليس عندي شيء حتى أقوم بواجبك ، فرح وانزل في بيت الأمير. فقال لها : إن زادي (٢) معي لا أحوجك إلى شيء. ثم قالت : لقد عملت حسنا بمجيئك حتى تنشرح وترى الليلة عرسا. فقال عرس من؟ قالت عرس فارس بن امهيد ، وهو عرس على عرس ، لأن هذا الرجل كان غائبا (٣) ، وسمعنا أنه قتل وأهله قبلوا التعازي به ، ولآن نسوه إذ مضت على القضية نحو سنة. ولكن صباح أمس عاد بالسلامة ومعه عروس جميلة جدا ، وهذه الليلة سيدخل عليها ، فصبر علوان إلى أن دخل الليل كثيرا ، فقام من عند العجوز ومشى إلى قرب بيت العرس واختلط بالناس إلى أن انفض القوم وانطفأت النيران ونامت كل عين ساهرة. فأتى بكل ظرافة إلى المكان المختلي به العريس والعروس ودخل من تحت أروقة البيت وأتى نحو الفراش فوجدهما نائمين. فسحب سيفه وذبح فارسا وجره إلى خارج الفراش. ثم هز امرأته وصحّاها من النوم وقال لها يا حفظة أنا علوان. فقامت مرتعشة وقالت له : يا مجنون ما هذا المجيء؟ الآن يفيق فارس وأخوته فيقتلونك. فقال لها : يا شينة يعني يا رديئة ، ما ذا فعلت معك وما الذي جرى مني بحقك من العمل الرديء؟ اذكري الله وفكري بأولادك الذين كادوا يموتون [حزنا] عليك. فقومي وتعالي معي حتى نذهب إلى بيتنا ، عند أهلنا ، واخزي الشيطان عنك ، فإنك لن تجدي بحياتك أحسن من علوان. فيا روحي ما هو ذنبي بحقك؟ ٢ / ٦١ عرفيني فقط بذنبي. ومن بعد كلام كثير مثل هذا قالت له : إن لم تذهب / فإني أنبّه فارسا (٤) وأجعل قتلك شهرة. فقال : إن كنت لا تذهبين معي فاعطني فرسي ودعيني أروح. فقامت وفكت الفرس من قيدها وأعطته إياها. فحين صار على ظهر الفرس ورمحه بيده قال لها : يا حفظة يا بنت الحرام ، نسيتي رجلك وأولادك. فأقل ما يكون أن تعطيني قبلة (٥) من فمك حتى أودعك. فمدت فمها إليه ، وهو راكب على ظهر الفرس ، فعضّ على شفتيها بنوع أنها ما كانت تستطيع أن تصرخ ، ورفعها من الأرض ، وقبض عليها مثل
__________________
(١) «مقطوعة».
(٢) «زوادتي».
(٣) «كان في الكون».
(٤) «علوان» ، وهذا الخطأ يدل على أن الصائغ لم يعد إلى قراءة مخطوطته أو أنه قرأها بكل سرعة.
(٥) «بوسة».