الباشق على العصفور ، وطار بها مثل الأسد الخاطف. وفي لحظة صار خارج البيوت ، فوضعها خلفه على ظهر الفرس وسار بكل سرعة.
أما أهل فارس فما واحد عرف أو فاق إلا بعد [هرب علوان] بنحو ساعتين من الزمن ، لأن [الوقت] كان قريب الصبح. فوجدوا ابنهم فارسا مذبوحا والعروس والفرس مأخوذين. فرموا الصوت وركبوا الخيل (١) وصار الطلب في كتف علوان ولم يزل [الطراد] حتى تلاقوا مع علوان ، والذين لحقوا به هم أخو فارس وأبوه وواحد من أقربائه (٢). أما علوان فحين رآهم أقبلوا عليه ، وضع حفظة على الأرض وارتدّ عليهم. وعلقت الحرب بينهم واشتد القتال بكل حرارة. وكانت حفظة من طرف أهل فارس ، تعينهم على زوجها بضرب الحجار ، حتى أنها ضربت زوجها بحجر فصدعت رأسه. ولم يزل [علوان] بالحرب حتى قتل أخا فارس ، وبقي الأب وأحد الأقرباء (٣) فاشتد الحرب بالأكثر. فبعد قليل قتل علوان قريب (٤) فارس ، وبقي الأب وعلوان فقط وحفظة. فتعبت الخيل جدا ولم يبق لها قوة على التحرك. فنزلوا من على ظهور الخيل وصاروا يتعاركون (٥) على الأرض ، وتماسكوا ببعضهم ١ / ٦٢ بعضا ، علوان وأبو فارس. وجاءت حفظة وصارت تعين أبا فارس على زوجها / فمن بعد [قتال شديد حتى بان] العجز العظيم (٦) فيهما ، تمكن علوان من أبي فارس وأخذ سلاحه. ثم أركبه على فرسه وقال له أنت رجل كبير السن (٧) ، وعيب علي أن أقتلك ، فاذهب عند عيالك وأعطاه فرس قريبه ، وركب هو وأركب حفظة فرس أخي فارس ، لأنها كانت عين الفرس التي كانت راكبتها حفظة حين انهزمت هي وفارس. ولم يزل سائرا حتى وصل عند أهله. فما قال لحفظة كلمة واحدة إلى أن وصل إلى بيته ، فأرسل وأحضر أباها وإخوتها وأقرباءها وقال لها احكي بما جرى من دون زيادة ولا نقصان فحكت جميع الذي جرى حرفا حرفا فقال : يا جماعة هذا فعل ابنتكم فانظروا ما تستوجبه فافعلوه. فحالا قام أخوها الأكبر وذبحها في وسط المجلس. فهذا ما كان ومن الأمور التي جرت.
__________________
(١) «وركبت الخيل».
(٢) «قرايبينه».
(٣) «وقرايبهم».
(٤) «قرايب».
(٥) «يتكاونوا».
(٦) «العجز العضيم».
(٧) «ختيار».