لأجل تدمير ابن سعود الوهابي ، فوجدت كذلك من الشروط الابتعاد عن التعامل (١) مع العثماني وحكامه ، وكثير من الأشياء كنت أظنها صالحة لكم فوجدتها بعكس ذلك. وعليه فقد انفتحت على المادة جدا وضاعت ظنوني تماما ، فبالله عليكم (٢) أن تعرفوني المادة وأنا أول من أطاع وآخر من عصى. ثم وضع ختمه واسمه بالورقة وتعاهدنا معه بكل محبة ، وقلنا له : اعلم أن المراد الوصول إلى أبواب الهند ، والكشف عن طريق يكون بعيدا عن المدن ومعرفته ، ويكون به المياه اللازمة ومراعي للمواشي دائمة. فقال : حسنا ، ولكن هذا الأمر لا يحتاج إلى كل الأعمال التي تقومون بها ، فبوسعكم أن تأتوا معي ، وأنا أرسلكم إلى غير قبيلة ، وهكذا من قبيلة إلى أخرى تتنقلوا حتى تصلوا إلى الهند ، من غير هذه الحروب والمعارك التي تصدر عنكم. وأنا لا أظن أن هذا مقصودكم ، بل هو تملص مني (٣) لأنكم لا تريدون أن تعرفوني حقيقة الحال ، فإن تدبيركم ومساعيكم ليست فقط لأجل كشف الطريق ، ولا بدّ أن يكون لكم غايات داخلية لا تريدون أن تعرفوني بها على الوجه الصحيح ، وستندمون لأنني قادر ، بعون الله ، على مساعدتكم إن أعلمتموني بحقيقة مرامكم. فقلنا الصحيح أن مرادنا الوصول إلى الهند ، ولكن ليس نحن فقط بل أيضا جيش كبير نحو مئة ألف. فلأجل ذلك نريد أن نجمع العرب على رأي واحد ، ونجعل لهم رأسا كي يسعفوا الجيش المذكور ، ويساعدوا على إيصاله إلى الهند ، ويحملوا جميع لوازمه من أكل وشرب وغير ذلك من المهمات ، واركاب العساكر على الجمال والمسير معهم وإعانتهم في كل ما يلزمهم والوصول معهم / إلى الهند. قال : حسنا ولكن ما هي فائدة العرب من ذلك وما هو أملهم. فقلنا له : أولا إن السلطان الذي سيرسل هذا الجيش سيصير لكم منه خير عظيم ، ثانيا تملكون حريتكم وتخلصون من عبودية الوهابي وحكم العثماني عليكم ، ثالثا تغنمون أموالا لا تحصى من الهند ، لأن غنى الهند زائد كما هو معلوم عندكم ، رابعا من اتحادكم مع بعضكم بعضا ، وكسب مثل هذه الكميات من الأموال ، ونظر مثل هذا السلطان عليكم تستطيعون أن تملكوا أنفسكم ، وتعودوا ملوكا كما كنتم سابقا ، ولا خسارة لكم من ذلك بل تكسبون صيتا كبيرا ويحصل لكم ربح عظيم.
وصار حديث كبير في هذا المعنى ودخل الموضوع في عقله وتشرب المادة على
__________________
(١) «مقارشة».
(٢) «سايق الله عليكم».
(٣) «صرفه منشاني».