تعب ثلاث سنين (١) ونحن بهذا العمل. فقال الدريعي : كونوا مطمئني الفكر من طرفي ، إني أعطيت كلاما ولا يمكن أن أرجع عنه ، وأنا أضمن جميع الذي اتفقوا معي أنهم لا يخونون. وما ذا تستطيع أن تعمل هذه البنت؟ أما الوهابي فإني لا أحسب له حسابا ، لأنه في ديرته وكل ما هو قادر عليه إرسال جيش (٢) علينا ، وبعون الله لا آكل همه ، أولا لأن الحكام يجب أن تساعدنا عليه ، فهو عدو السلطان وعدو الديانة ، ثانيا أصبحنا نحن ، بعون الله ، نحو عشرين قبيلة ، متحدين على رأي واحد ، نقاتل ملوك الروم (٣) ، فكونوا أقوياء القلب ولا تفكروا بشيء أبدا. فأطمأنت قلوبنا نوعا ما.
وثاني يوم رحلنا من حوران وابتدأنا بالتقرب من حمص وحماة. وبينما نحن بالقرب من حمص إذ وصل مكتوب من الميلادي إلى الشيخ إبراهيم تدعوه عندها بحماة ، وتعلمه أنها أرسلت من يحضر حرمته مدام لاسكاريس من عكا إلى عندها بحماة ، لأن الشيخ إبراهيم متزوج كرجية وذلك حين كان في مصر مع العمارة (٤) ، وحين حضر من باريس إلى ١ / ٧٨ عربستان أتت معه وأبقاها في عكا كما تقدم الشرح سابقا (٥) ، / ضاق صدر (٦) الشيخ إبراهيم من ذلك جدا وفهمنا أن الشيخ إبراهيم الإنكليزي هو الذي حدثها عنا حين رآنا بدمشق. فاضطر أن يكتب لها جواب مكتوبها بكل رقة واحتشام ، ووعدها أن يزورها في حماة بعد عدة أيام. وكان القصد من ذلك أن يرسل علما إلى مدام لاسكاريس ليمنعها عن الحضور عند الميلادي. فأرسل ساعيا إلى ميلادي ، وكتب مكتوبا إلى امرأته بعكا يحذرها من الذهاب عند ميلادي ، وأرسله مع ساع خاص. فعاد الساعي وأخبر أنه لم ير مدام (٧) لاسكاريس في عكا ، وأخبروه أن ميلادي أرسلت وأحضرتها عندها وهي ذهبت
__________________
(١) كان التوقيع على الرباط في ١٢ تشرين الثاني سنة ١٨١١ ، أي بعد سنة وتسعة أشهر من مغادرة لاسكاريس والصائغ مدينة حلب. ثم تابعا رحلتهما خلال الشتاء والربيع. وعليه فالحوادث المذكورة هنا ، على ما يظهر من سياق الحديث ، وقعت في صيف سنة ١٨١٢.
(٢) «أرضي».
(٣) يريد العثمانيين.
(٤) الحملة الفرنسية.
(٥) انظر أعلاه ص ١١٩.
(٦) «فانحصر».
(٧) السيدة.