حالا بملء إرادتها ، إذ لها ثلاث سنوات من غير خبر من زوجها الخواجه لاسكاريس فتضايق جدا من هذا الخبر ونزل إلى حماة وبقيت أنا عند العرب.
وأما مهنا فإنه لم يزل يقرب إلى طرفنا مع القبائل التي معه ، حتى بقي بيننا مقدار مرحلة واحدة ، وأصبحنا جميعنا في طبراق حماة وحمص. فنزل سحن ابن الدريعي إلى حمص ومعه البولردي ، فأقام ستة أيام ثم عاد وبصحبته الشيخ إبراهيم ، وأخبرنا أنه عرض البولردي على الحاكم فأطاع للأمر ، وعمل إكراما زائدا لسحن وألبسه فروة ، وتوجه من حمص إلى حماة وهناك أيضا حصل له إكرام وهدايا من الحاكم وكامل الضباط (١) وأكابر البلد ، وكذلك ألبسه المتسلم فروة ووعدوه بكل ما يلزم من المساعدة دون أي قصور ، وامتثلوا أوامر الوزير. / / وربط سحن رباطا مع الحكام مقتضاه أنه متى نزل مهنا أو أحد أولاده يرمون القبض عليه بحجة أنه أحضر عربا وهابيين ، وهم أعداء سلطاننا وديانتنا ويريد أن يسلم البلاد للوهابي // (٢).
أما سحن فحين كان بحماة أرسلت ميلادي تدعوه عندها. وتناول عندها طعام الغداء ، وعملت له إكراما زائدا وأعطت هدايا له ولأبيه ولزوجة أبيه لأن والدته متوفية ، وهدايا أيضا لزوجته ، وألبست جميع من معه من الفداوية كل واحد عباءة وجزمة ووعدته أن تزوره.
وأما الذي جرى للشيخ إبراهيم فإنه حين نزل إلى حماة وجد مدام لاسكاريس قد وصلت ونزلت عند ميلادي. فاستاء من ذلك من غير خوف لأنه على علم أن امرأته ٢ / ٧٨ لا تعرف شيئا من أمورنا لتحدث بها ميلادي. وبعد أن سلم / على المذكورة أخذت تسأله عن أمور كثيرة وعن سبب حضوره وعن نيته ، ولكن بكل ظرافة تريد أن تسرق منه الكلام فلم تحصل بفائدة ، فاستاءت منه وأخذت تتحدث معه بقساوة وحتّمت عليه بأمر أن يقول لها ما هو مراده من هذه السياحة بين العرب. فدخل عليه الحمق من ذلك واختلف معها إختلافا شديدا وحرد عليها وأمر امرأته ، مدام لاسكاريس أن تعود حالا إلى عكا. وفي اليوم التالي تمكن من العودة عند عربنا مع سحن. وبعد قليل سافرت ميلادي إلى دمشق ورجعت مدام لاسكاريس إلى عكا.
__________________
(١) «الظبّط».
(٢) ورد هذا المقطع ص ١ / ٧٣ منفردا وأثبتناه هنا وفقا لتأشيرات التي جاءت في المخطوطة.