معها ، وبصحبتهن ثلاثة جمال ، الواحد عليه هودج العروس ملبس جميعه بجوخ أحمر وشرّابات أشكال وأشكال ، ومرصع بالودع الأبيض وأنواع الخرز وريش النعام والمرايا الصغار ، النتيجة منظر جميل جدا (١) ، وعلى الجمل الثاني البيت والعواميد ، وعلى الجمل الثالث أواعي البيت مثل السراجات والبسط والنحاس لأجل المطبخ : فهذا فقط ما يجب أن على ١ / ٨٢ العروس أن يكون معها. / فركبنا ومشت جميع الخيالة أماما ، والعروس راكبة في هودجها وحولها النساء ، كل واحدة في هودج مزين ، ومشى وراء العروس نحو عشرة خيالة من أقربائها ونحن جميعنا أمامها. وكل الدرب لعب خيل ومحاربة وضرب تفنك وزلاغيط وتهاليل وكلما مررنا على عرب بالبخور ذبحوا رأس غنم أمام جمل العروس. وحين وصلنا دخلنا بيت فارس أبي العريس ، والتمت العربان من صدر البرية وصارت تأتي حتى اجتمع خلق لا يحصي عددها غير الله. فكل تلك الليلة لعب ماصول (٢) ودق طبول ، ورقص وإشعال النيران من كل جانب إلى أن أصبح الصباح. فابتدأوا يذبحون الذبائح لأجل أن يصنعوا الغداء ، فذبحوا يومئذ عشرين جملا وخمسين رأس غنم ، وأتوا من حلب بخمسة قناطير أرز ، وكانت القبائل المجتمعة لأجل العرس ثماني قبائل. فأكل الجميع وشبعوا وفضل من الأكل حتى نادوا بالنزل : «العيش يا جوعان» ، إلى أن صار المساء وابتدأت الناس تعود إلى بيوتها. فذهبت امرأة فارس ومعها عدة نساء ونصبت بيتا صغيرا على عامود واحد بعيدا عن بيتها نحو مرمى الرصاص. وكان ذلك لأجل خلوة العريس مع عروسته. ثم أنهم أخذوا (٣) العروس وأدخلوها ذلك البيت. وقبّل العريس يد أبيه وأمه ويد الدريعي ودخل على عروسته ، وكل منا ذهب إلى سبيله.
وفي اليوم التالي رحنا على حسب العادة لنبارك للعريس فأخبرونا أنه ما استطاع أن يتزوج. وهذا شيء عند العرب عار عظيم (٤) ، وكذلك في الليلة الثانية والثالثة لم يتمكن ، حتى أصبح أحدوثة بين العرب ، وصار أبوه لا يكلمه ولا يدعه يقعد بين الناس ولا يأمر له ٢ / ٨٢ بقهوة بل أنه ، من جملة علامات الإحتقار ، أحضر له مغزلا مثل الذي تغزل به النساء / الصوف لأجل حياكة البسط والعدول ، ومعنى ذلك أنك امرأة. فاضطرب (٥) العريس وأمه
__________________
(١) «فرجة».
(٢) كذا؟ ولعله يريد متواصل.
(٣) كذا في المخطوطة ولا نعلم لمن يعود الضمير. ولعل الصائغ يريد النساء وكان الصواب أن يكتب : «ثم أنهن أخذن العروس وأدخلنها».
(٤) «قوي رذل».
(٥) «ضاج».