حايل (١) ، وضعوا أرزا ولحما مسلوقا وأكثروا السمن والخبز حتى أشبعوا جميع العربان وفضل من الأكل. فبعد ذلك شربنا دستا آخر قهوة ، وسلمنا النقد إلى بركز وكتبنا الكتاب على حسب عاداتهم وقرأنا الفاتحة ، وصار الوعد بعد ثلاثة أيام نحضر لنأخذ العروس ويتم العرس. فدخلت أنا والشيخ إبراهيم عند زوجة بركز وباركنا لهم. واستكثر الشيخ إبراهيم بخيرها لما فعلت يوم الذي أنقذتني من القتل ، لأنه ما كان رآها قبل ذلك. فكان جوابها إلى الشيخ ٢ / ٨١ إبراهيم أنها تريد أن تكمل معروفها معي فتزوجني عندها وتعطيني بنت أختها. فالمذكور شكر فضلها ووعدنا إلى السنة / القابلة إن شاء الله أنه سيحضر عندها ويزوجني ، وكان ذلك وعدا بطالا (٢) حتى لا يرفض كلامها ، ثم توجهنا جميعنا إلى عربنا.
وقبل إنتهاء الأيام الثلاثة التي سيكون العرس بعدها ، إذ وصل خبر أن غزوا عظيما وصل من عند الوهابي إلى بر الشام ، بقوة عظيمة وجيش كبير. فأرسل الدريعي حالا إنذارا إلى جميع العربان وأعلمهم أن يكونوا دائما مجتمعين ، كل ثلاث أو أربع قبائل معا كي يتمكنوا من أن يدفعوا عن أنفسهم ضرر الوهابيين.
وثاني يوم بعد ذلك كانت مضت الأيام الثلاثة ، فاهتموا بإحضار العروس. فركب الدريعي وكل كبار القبائل ونحو ألف خيال وخمس مئة امرأة ومشينا ، إلا أن العريس لم يأت معنا. والسبب أنه سيحدث قتال بين أهل العروس وأهل العريس ، على حسب عاداتهم. فإذا كان العريس حاضرا فقد يقتله أحد أقرباء العروس ، إذ قد يكون لأحد من الشباب خاطر بها أو أنه يحب الفتاة ويريد أن يأخذها فيقتل العريس حتى تبقى العروس له. فمشينا وحين أقبلنا عليهم نفذت خيلهم علينا مثل الأسود. فنزل كل الكبار والمشايخ الذين معنا [عن خيولهم] ، وكذلك جاء كبار [قبيلة أهل العروس] ومشايخها وجلسنا بعيدا عن البيوت ، وابتدأ الشباب بالحرب كأنها حرب جدية مثل العادة. فدامت الحرب نحو ساعتين من الزمن حتى وقع من الطرفين نحو عشرين جريحا (٣) ، وأخيرا تفوقت خيلنا عليهم وهجموا على بيت بركز وأخذوا البنت وسلموها إلى النساء. ثم أتى الجميع واجتمعنا كلنا جملة وشربنا قهوة فقط ، وإذ مقبل علينا نحو عشرين امرأة الّاتي يقال لهن حبّابات العروس يردن أن يذهبن
__________________
(١) حائل تجمع على حول وحيال ، الحيوان الذي لا يزيد عمره على السنة.
(٢) باطل.
(٣) «مجاريح».