وفي اليوم الثاني أرسلوا مرسالا (١) إلى حلب فأتى بالمطلوب وأعدّوا كل شيء. وفي اليوم الثالث الذي هو يوم الوعد ، منذ الصباح ، فرزوا خمسين ناقة بيضاء عظيمة ورأسي خيل ومئتي نعجة وجميع الذي صار القول به. ثم جمعوا حشيشا من البرية وزينوا رؤوس الناقات بالحشيش الأخضر ، وزينوا العبد والعبدة وأركبوهما على الفرسين اللذين تقدّم ذكرهما ، وركب نحو خمس مئة خيال بأيديهم (٢) الرماح ، وساقوا الجمال أمامهم ، بالغناء الحربي والتقويصات (٣). وكذلك نحو مئتي امرأة ، جميعهن مزينات وسائقات الغنم أمامهن ، والعبدة راكبة معهن ، وسائر النساء ماشيات بالغناء والتهاليل (٤) والزلاغيط. ومشى خيال أمام الجميع ناشرا على رمحه زنارا أبيض على هيئة العلم وهو ينادي هذه راية بركز ابن اهديب. ومشت امرأة أمام الغنم ، وبيدها إناء من فخار (٥) فيه نار ، تضع عليها بخور البان كل الطريق ونحن سائرون. وكان أمام الجميع حامل الراية البيضاء ، وبعده النوق ، وبعد النوق البواردية ١ / ٨١ الرجّالة (٦) ، / وبعد الرجالة الخيالة ، وبعد الخيالة المرأة التي بيدها البخور ، وبعد المرأة الغنم ، وبعد الغنم العبدة راكبة ، وبعد العبدة النساء ، وبعد النساء الأولاد ومعهم جمل يحمل الحوائج من غير حزم ، وعلى ظهره مشلح من حد رأسه إلى ذنبه ، وقد نشرت الحوائج عليه ، الحاجة بعد الحاجة ، حتى الجزمات مربوطة بخيطان ومدليات على جانبي الجمل ، وركب أحد الأولاد من أكابر القبيلة فوق الجمل على الحوائج [وهو يقول] : أخمد الله نيران الخصم ، كسر الله قوة عدونا ، نصرنا الله على من يعادينا ، والأولاد ترد عليه : آمين ، إلى أن وصلنا. فخرج للقائنا نحو ألف رجل وكامل نساء القبيلة ، بالبخور والزلاغيط وضرب البارود والغناء الحربي ولعب الخيل ، حتى طار الغبار وغطى عين الشمس من طرد الخيل وكثرة الناس. فوضعنا جميع ما جئنا به معنا في سهل أمام البيت وجلسنا. فأتوا بالقهوة وسقوا الجميع. وكانوا غلوا القهوة بالدست الكبير. ففحصنا عن ذلك فأخبرونا أنهم وضعوا في الدست راوية ماء ونحو خمسة أرطال بن. وأما الشيخ إبراهيم فإنه أملأ طاسة قهوة وشربها ، حتى يقول يوما شربت قهوة بالطاسة من الدست. وذبحوا للغداء عشرة جمال وخمسا وعشرين نعجة غنم
__________________
(١) رسول أو مرسل.
(٢) عبارة المؤلف بالأصل : «وبأيدهم رماح وركبت نحو خمس مئة خيال».
(٣) «والقويصات».
(٤) «الهلاهيل».
(٥) «شقف».
(٦) «الزلم».