٢ / ٨٧ وكسروه وأخذوا جميع ما معه من الغنم ، وشلّحوه هو / (١) وجميع من معه وتركوهم عراة (٢) وذهبوا في حال سبيلهم. فنزل إلى دمشق وليس معه مصرية يأكل بها خبزا ، وصار يشحذ ويأكل. وشاع أمر هذه الغنيمة بين العربان حتى سمع بها البدوي أخو التاجر الغنّام. فسأل أي يوم أخذت الغنم وفي أي مكان ، فأخبره الناس ، فعرف وتأكد أنها غنم أخيه الذي أعطاه غرشين وقليلا من التوتون. فذهب حالا وأخذ الشهود وراح عند شيخه ، وهو كان من قبيلة العمور ، ودخل على الشيخ وحكى له المادة وشهد له الشهود. فحالا ركب وأخذ معه أكابر القبيلة وتوجه إلى قبيلة النّعيم. فهذه القبيلة مثل عشيرة العمور ، تشريقها قليل وأغلب السنين لا تشرّق بل تبقى بالديرة ، واسم شيخها فهد ابن صالح. فدخل عليه سلطان البرّاق شيخ العمور وطلب منه الغنم بموجب عهود العرب وقدم الشهود. فما استطاع فهد أن يهرب من الحق وبالحال والسرعة سلّم الغنم إلى شطي ، فهذا اسم البدوي الذي خاوى الغنّام ، سلمها بتمامها من غير أن ينقص منها شيء كليا. فقام شطي واستأجر أناسا تسوق الغنم معه ، ومشت الأغنام جميعها أمامه وتوجه إلى دمشق. فأبقى الغنم خارج البلد ودخل هو يفتش عن التاجر ، فوجده جالسا في قهوة ، عاريا جائعا. فدخل شطي عنده وسلم عليه. فأدار وجهه ولعنه وشتم كل العرب لأنه محروق القلب منهم. ولم يأت على باله أنه آخى واحدا منهم ، ولا هو يصدق ، والحكاية ذهبت من فكره وصار إذا رأى بدويا كأنه رأى عزرائيل. فقال له شطي ما لك يا أخي؟ أنا أخوك الذي تآخيت معه بالرستن. فقم معي واستلم غنمك جئتك بها كما هو واجب علي. فما كان يصدق. فمن بعد تأكيد صدّق ، وخرج معه إلى خارج البلد ، وبانت له الحقيقة ، فركع على أرجل شطي وصار يقبلها ويستكثر بخيره. ثم نزلا إلى دمشق ، وعمل التاجر جهده لكي يعطيه قسما من الغنم فما رضي أن يأخذ شيئا منه كليا ، غير أنه قبل فقط جزمة وكوفية جديدة قيمتهما نحو عشرة ١ / ٨٨ غروش لا غير ، وثاني يوم رجع / عند أهله.
__________________
(١) يبتدئ هنا الكراس رقم ١١.
(٢) «بالظلط».