وبينما نحن في اعتلاج معه نشده ويشدنا ، وإذ حضر خيال من الشرارات يقال له طعيسان راكبا على فرس شقراء ، ليس عليه إلا القميص ، وبيده رمح فقط لا غير. فرأى الحال الذي نحن به ، والفارس لم يزل بالميدان يطلب الدريعي. وكان اشترى في ذلك اليوم الفرس التي تحته ، من عرب الحديدية. وكان له امرأة اسمها شامة بنت جديد. ثم زاحمنا ودخل أمام الدريعي وقال هذا الشعر :
يومي أنا شريت جواد الحديدي |
|
شريتها يوم صار لي بها شف |
اشتريتها وأبغي عليها الحميدة |
|
وأكف طراد الخيل من فوقها كف |
وأطعن لعيون شامة جديدة |
|
بنت الذي لا طالع الزول ما خف (١) |
وفرّ من بيننا إلى حومة الميدان مقابل ذلك الخيال ، وابتدأ بينهما الحرب بكل قساوة حتى تعجبت الناس. وبقينا جميعنا ننظر إليهما وهما لم يزلا مع بعضهما بالأخذ والرد نحو ساعة من الزمان ، من غير أن يرجح أحد على الآخر. ثم أخيرا تمكن خيالنا منه فضربه برمح في حلقه (٢) ، إذ ليس في جسمه مكان خال من الدرع يتحكم به غير شيء قليل عند حلقه فقط ، فضربه بالرمح الأجرد وإذ لمع سنان الرمح من الجانب الثاني فقتل ، إلا أنه بقي على ظهر ١ / ٩٢ الفرس ، والرمح عالق في رقبته ، فعادت به الفرس إلى بيته ، وذلك من عاداتهم (٣). /
فرجع طعيسان عندنا. فقام الدريعي وكل من كان حاضرا عندنا وصافحناه وحمده الناس على شجاعته ورجولته ، وأهداه الدريعي فرسا ورمحا والشيخ إبراهيم قنبازا جديدا من الحرير.
__________________
(١) يقول : في هذا اليوم اشتريت جواد الحديدي إذ شغفت بها. وإني اشتريتها أريد بها الأعمال الحميدة وطرد الخيل من فوقها كما يعمل الخياط عندما يكف الثوب ، وأطعن إكراما لعيون شامة بنت جديد ، بنت الذي لا يخاف وقت النزال.
(٢) «زلعومه».
(٣) يريد أن العرب قد علّمت الخيل أن تعود إلى البيوت متى جرح الفارس أو قتل.