وقصاصه القتل والموت السريع ، وهذا كان عندنا معلوما من السابق. ونحن أربعة من ركبنا نشرب التوتون ، ومعنا غليون واحد صغير لأننا كنا حاسبين هذا الحساب. فاستخبرنا تلك الليلة من الأمير نجم عن أحوال الوهابي ، وفهمنا منه برمز العين أن أرواحنا عنده في عين ١ / ١٠٦ الخطر لأنه غدّار ، ويستعمل الخيانة بعض الأحيان. / فمن هذا الخبر قد ارتجت قلوبنا وندمنا على الحضور عنده. ولكن قال الدريعي : لا بد من الوصول إلى عنده ولو كان منتهى حياتي على يده ، لا يمكن أن أرجع من غير الوصول إلى عنده.
ومشينا في اليوم التالي إلى المساء وتقابلنا مع قبائل عرب كثيرة لأننا دخلنا في أراضي نجد ، وهي وديان وجبال وسهول ومياه ، وبها قرى لم تزل مسكونة ، والعرب المقيمون بها يزرعون ويفلحون. وبها أيضا بلاد قديمة متهدمة ، كانت في السابقة عامرة ومملكة عظيمة في زمن بني هلال الذين ذهبوا إلى بلاد الغرب ، وأراضيها جيدة ، وبها فواكه ، وأكثر ما يوجد فيها البلح وله لفة عظيمة ، [وبها أيضا] قبائل عربان أشكال وأشكال لا يعلم عددها غير رب السماء. فالجميع من أتباع الوهابي وعلى مذهبه. وكنا دائما نسمع عن مزاياه الرديئة ، وظلمه لعربانه ، ورداءته وترفضه وقلة الوداد له في خواطر عربانه ، لأنه غير محبوب عندهم من ظلمه لهم.
فمن بعد أربعة عشر يوما من حين خروجنا من عند أهلنا ، إذ أقبلنا على نخل الدرعية ، ودمنا نمشي نحو أربع ساعات بين النخل الملتحم بعضه ببعض وحامي البلد ، وهو نافع جدا لها لمنع العدو. فلم نزل نمشي إلى أن وصلنا إلى باب البلد فوجدنا دائر البلد تلالا سوداء صارت على نعت السور ، وكان ذلك جميعه من العجوة القديمة التي تتكدّس (١) من سنة إلى سنة ، يرمونها خارج البلد على بعضها ، ومع المداومة فإنها كثرت وتراصّت على بعضها وصارت حصنا للبلد كمثل السياح. فدخلنا البلد وهي مركزة على جانب واد ولها أبواب تغلق كل ليلة مساء وتفتح عند الصباح (٢). ولم نزل سائرين إلى السرايا فدخلناها فإذا هي سرايا واسعة جدا ، حجرية على طابقين.
__________________
(١) «تنعكس».
(٢) «بكرا».