ثم سافرنا في اليوم الثاني ، ولم نزل جادين بالسير على اطلاق الهجن إلى غروب الشمس. فوصلنا إلى منزلة عرب عظيمة يقال لها رام (١) بني هلال ، بها رام كبير من نبع ماء منحدر من جبل صغير فعمل راما أمام الجبل. وبعضهم يسمى هذا المكان المذبنة (٢) يعني الحامية ، ليس بمعنى السخن ولكن بمعنى الذي يحمي من العدو.
وفي اليوم الثاني جدينا بالمسير أيضا. وفيما نحن سائرون إذ أقبلنا على بقعة من الأرض صغيرة ، نابت بها من شجر الطرفة كمثل حرش صغير. فحين اقتربنا منها وقفت الهجن عن مسيرها ، فتعجبنا من ذلك ولم ندر ما هو السبب ، وكل الهجن كانت تنظر إلى ذلك الحرش. ٢ / ١٠٥ فنزل واحد من العبيد وتقدم / إلى قرب الأشجار وصاح (٣) قائلا : انزلوا وانظروا إلى أثواب الحيات. فنزلنا عن الهجن وتقدمنا فرأينا أن الأرض والأشجار مغطاة بأثواب الحيات ، شيء لا يعد ولا يحصى ، أشكال وأشكال ، كبار وصغار من جميع الألوان ، ألوف ألوف ، ربوات ربوات ، ولكن ليس بينها واحدة طيبة (٤) ، ولكن توجد فقط أثوابها. فظننت أنه لم يبق في الدنيا أفعى إلا أتت وخلعت (٥) ثوبها في هذا المحل. وشكرنا الله لأننا ما رأيناها طيبة لأنها كانت بالحقيقة أكلتنا ، إذ كان بين الأثواب أثواب حيات كبيرة جدا بقدر ثخن غنمة (؟) (٦) المركب.
ثم رجعنا ركبنا وجدينا بالمسير إلى المساء ، فما وجدنا عربا ، فنمنا بالخلاء ، وأكلنا مما معنا من الزاد إلى الصبح. وفي اليوم التالي جدينا بالسير ، وقبل العصر أقبلنا على نزل عرب عظيم لا يعرف أوله من آخره ، فاستخبرنا من الرعيان عنه فقالوا هؤلاء عرب شمّر ، وأميرهم اسمه نجم الضرغام. فوصلنا إليهم ونزلنا في بيت المذكور ، فاستقبلنا بالترحيب والإكرام ، وكل أنس ووداعة. وهذه كانت أول قبيلة نراها من أتباع الوهابي ، وهم وهابيون أيضا. فقبل كل شيء أخفينا غليون التوتون لأن التوتون ، كما هو معلوم ، محرم عندهم جدا ، ومنعه الوهابي بكل شدة وصرامة ، والذي يلاحظون عنه أو يرونه يشرب التوتون فليس له مغفرة ولا رجاء ولا سماح ،
__________________
(١) الرام نوع من الشجر ، والظاهر من كلام الصائغ أنه يعني الواحة أو الحرش.
(٢) كذا ، ولعله يريد المذيبة.
(٣) «عيّط».
(٤) على قيد الحياة.
(٥) «شلحت».
(٦) لعله يريد صاري المركب.