فقط (١) اللذين هما ضد طبع العرب واصطلاحهم : أولا أنه يأخذ منهم الجزية رغما عنهم كما ذكرنا سابقا ، وثانيا أنه يغصبهم على الصلاة خمس مرات كل يوم غصبا سيفيا (٢) ، وأقام عليهم أناسا ترصدهم وترغمهم على الصلاة ، والذي لا يصلي يقتله ويقطع خصيتيه ويضعهما فوق أنفه. وقد فعل ذلك مرارا عديدة مع شعبه. فهذان السببان قد زرعا عداوة وحقدا (٣) في قلوب الشعب عليه وحصل لهم فتور وملل من محبته ومالت قلوبهم إلى بغضه ، ولو لا هذه الأسباب لما كان يوجد أقوى منه ، لأن شعوبه كثيرة لا تحصى وأماكنه بعيدة لا يتطاول إليها أحد ، ولا مصاريف عليه كما ذكرنا سابقا ، ولذا كان يستطيع أن يتقدم ويملك أماكن كثيرة ، ويصبح سلطان الجزيرة العربية (٤) كافة برا ومدنا.
ثم دخلنا إلى القسم الداخلي من السرايا (٥) ، لنمتع نظرنا برؤية خيلها. فيا له من ٢ / ١١٣ منظر للخيل لمن يحب الخيل ، وليس لي لأني / من بعد وقوعي الذي تكلمت عنه (٦) ، ما عاد قلبي يتحمل رؤية جنس الخيل ولا يطاوعني على ركوبها. وبالنتيجة شيء يأخذ العقل ، فموجود نحو مئتي فرس كأنها تصوير على ورق ، لأنك مهما كنت عارفا بأمور الخيل لا تستطيع أن تميز الواحد عن الأخرى بالجمال ، فجميعها كأنها صنعت من عجين ، على يد معلم واحد ، [إذ أنها متساوية] بالقد والعلو والهيئة (٧) والضعف والحسن والمزايا. فمنها ثمانون واحدة بيضاء ، وأثوابها مثل الثلج ، لا يمكن تمييز الواحدة عن الثانية باللون (٨) ، والباقي مشكلات على حسب ألوان الخيل : شيء مفتخر لا يمكن وجود نظيره عند غير ملوك.
ثم رجعنا إلى منزلنا ، ودعينا تلك الليلة على العشاء عند الأمير عبد الله الهدّال الذي كان متوليا جيش الوهابي. فعمل لنا غاية الإكرام والحشمة وتذكرنا أيام حربنا معه أمام حماة وتلك الأمور التي جرت ، وسامح الدريعي وعبد الله بعضهما من جميع ما جرى وصارا بوفق ومحبة زائدة. وثاني يوم توجهنا عند ابن سعود وبعد شرب القهوة طلبنا منه خلوة لأجل تأكيد
__________________
(١) «لأجل نوعين فقط».
(٢) «بحتم سيفلي» ، أي بالسيف.
(٣) «غي».
(٤) «عرابيا».
(٥) «السرايا الجوانية».
(٦) «وقعتي المعلومة».
(٧) «الكسم».
(٨) اسقطنا هنا سطرا وضعه الصائغ في هامش الصفحة ، فلم نتمكن من قراءته لأنه مخيط في جلد الكتاب.