ظرافة على فرانكا (١). فتعجب من ذلك وضحك حتى شبع ضحكا وسرّ من هذه [الفرجة](٢) الفريدة وابتدأ يوحد الله ويقول : سبحان الذي أرضى الناس بعقولها ، كل من يعجبه عقله ودينه وأزياؤه أكثر من غيره. فبعد الأكل خرجنا إلى الخارج (٣) وشربنا القهوة بالديوان وتوجهنا إلى محلنا. وتلك الليلة دعينا عند أبو نقطة (٤) ، عقيد خارجي مشهور كنا ٢ / ١١٥ ذكرناه في مادة حماة. وحين رجوعنا إلى منزلنا اعتمدنا أن (٥) نطلب الأذن بالسفر نهار غد. ولما كان الغد توجهنا إلى الديوان. وبعد مواجهته وشرب القهوة قال له الدريعي : يا ابن سعود إن قدّر الله نهار غد نسلم عليك ونستأذنك بالرحيل. فقال له : يا ابن شعلان كأنك مللت منا سريعا (٦)؟ قال : استغفر الله لا يمل أحد من رؤيتكم ، ولكن لا بد من رجوع الغريب إلى وطنه. فقال له : حاشا ، أنت لم تبق غريبا ، فنحن وأنت بالحال واحد. فإن كان مرادك ذلك فليكن كما تريد. فجلسنا حصة من الزمن عنده ، وقمنا إلى المنزل كي نعد أمورنا للسفر. وبعد وصولنا بوقت قليل وإذ أرسل لنا سبعة رؤوس خيل ، أفراسا لا ثمن لها ، لكل واحد منا فرس وعبد يقودها ، وسبعة هجن للسبعة عبيد حتى يركبوها حين يتوجهون معنا. وكان قسمهم هو بنفسه وأفهم العبيد ذلك [وقال لهم] : أنت يا فلان وفرسك وهجينك تقدم حالك لفلان. وكذلك [أهدى] للدريعي سيفا ثوبه جلد أسود إذ عندهم حرام اقتناء سلاح من الفضة والذهب ، إنما حديده شيء مفتخر جوهر عظيم من أفخر سيوف العجم ، وأيضا مع كل عبد مشلح حساوي أسود ، وسيف ضبان (٧) عظيم ، ومئة ريال فرنجي. فقبلنا جميع ذلك ، وكل منّا عرف عبده وهجينه وفرسه. ولكن يا لها من سبعة رؤوس خيل لا يمكن أن يوجد نظيرها ولا ثمن لها. ففرحنا بها جدا وأخذنا نعدّ أمورنا للسفر. وثاني يوم توجهنا إلى (٨) عنده حتى نستكثر بخيره ونودعه ونسافر إذ حضر عنده هجان ، من عرب الينبع ، يخبره أن ١ / ١١٥ جيش محمد علي والي مصر / خرج من الينبع بكل نظام وقوة متوجها نحو المدينة
__________________
(١) أي على طريقة الإفرنج.
(٢) كلمة غير مقرؤة.
(٣) «برا».
(٤) هذا أيضا من ترهات الصايغ ، لأن أبا نقطة قتل سنة ١٨٠٩.
(٥) ص ٢ / ١١٤ بيضاء. وأما صفحة ١ / ١١٥ فتأتي بعد صفحة ٢ / ١١٥ وفي نهايتها.
(٦) «قوام».
(٧) كذا ؛ ولم يظهر لنا المعنى. وقد سبق تفسير هذه الكلمة.
(٨) ورقة صغيرة أضافها المؤلف.