يعرف الكتابة ، يذهبون عنده ليكتب لهم كتابا ، على قدر معرفته ويشهد الحاضرون. وإن لم يكن هناك من يكتب فإنهم يذبحون ذبيحة (١) ويتعشون ، ويشهد من كان حاضرا ، ويدخل العريس على عروسته. وقد زوجت أنا كثيرا منهم وكنت أكتب لهم ورقة : قد أذنت لفلان وأجريت نكاحه على فلانة بنت فلان بنقد هو كذا كذا. وأضع أسماء الشهود الحاضرين.
فيقوم العريس ويقبل يدي ويذهب ليأخذ عروسته. وعلى هذه الصفة زوجت كثيرا من العرب. ثم بخصوص الوراثة فهم على موجب الشريعة المحمدية كل ابنتين بذكر. إلا أنهم ١ / ١٢٣ لا يورّثون البنات الخيل بل يعطونهن حصتهن من غير صنف وتبقى الخيل / للذكور. وأما ذلك (٢) فنادر الوقوع ، لأنهم لا يقتسمون إلا بالصدق ، ولأنهم ليسوا مثل الحضر ، سكان المدن ، أصحاب أرزاق وبساتين وكروم وتجارة ودور ملك. فليس لهم شيء من هذا فقط جمال لأجل تحميل البيت والحوائج حين الرحيل ، وبعض الناقات لأجل أن يشربوا (٣) حليبها ، ورأس أو رأسا خيل على حسب البيت. فهؤلاء هم المتوسطو الحال. وأما الأكابر والأمراء فإنهم لا يقسمون قط ، بل يبقى البيت دائما من الأجداد إلى أولاد الأولاد ، وذلك لكي لا يكثر اسم هذا البيت ، لأن ، كما ذكرنا سابقا ، أعظم يمين عندهم في بيوت الأكابر. وإذا قسّموا كثر اسم هذا البيت فلا يبقى موقرا وعزيزا ، إذ كما هو معلوم كل شيء إذا كثر لا يسمى عزيزا ولا يكون محترما.
وعندهم أيضا الطلاق ، ولكنهم لا يطلقون نساءهم أبدا ، لأن عندهم الطلاق عيب ورذالة كبيرة. ودائما يعيّرون أهل المدن بمسألة الطلاق ، ويقولون أن أصحاب المدن ليس لهم ناموس ، فكيف يرضى الإنسان أن حرمته ، التي نامت معه عددا كبيرا من الأيام تكون الآن ٢ / ١٢٣ مع غيره ينام معها. واعجباه كيف لا يخجل الرجل حين يرى زوج امرأته الجديد بالسوق. / وخلال كل إقامتنا عند العرب لم نر أحدا طلق امرأته. ولكننا سمعنا أن واحدا كان طلق امرأته لأجل مادة جسيمة. فمن كثرة ضحك العربان منه واستهزائهم به بقولهم : امرأتك يا فلان يفتعل بها اليوم فلان. فاضطر أن يترك بيته وأهله ورزقه ونزل إلى حماة وخدم عند آغا غريب كيته (؟) ومات في حماة غريبا.
__________________
(١) الذبيحة لا تقوم مقام الكتاب إلا أنهم يكتفون عندئذ بها.
(٢) كذا ولا نعلم ما هو المقصود بهذه الكلمة.
(٣) «يأكلوا».