ذلك الرجل الذئب وصرخ فيه ، فخاف الذئب وطلب باب المغارة ليهرب فلحقه الرجل وتمكن بهذه الواسطة من الخروج من المغارة سالما بعد أن يئس من حياته ، إذ لا يعرف أولها من آخرها ولم نزل نمشي في داخلها إلى أن انتهت الخيطان التي معنا ، فعزمنا عندئذ على الرجوع وخفنا من الضياع ، مثل غيرنا ، في تلك المغارة الشاسعة ، وخرجنا من ذلك المكان ١ / ١٨ ولكن بتعب عظيم لأن / الموضع رديء جدا وداخل المغارة وعر كثيرا فطلعنا إلى خارج الباب وجمعنا الخيطان وجلسنا نأكل ما معنا من الزاد وتوجهنا بعد ذلك طالبين تدمر.
وصلنا إلى تدمر وسلمنا على الشيخ ودخلنا إلى غرفتنا ، وكان قرب المساء. وحين أتت ساعة النوم خلع الشيخ إبراهيم ثيابه ونزع حزامه ، فوجد أن المحرمة التي وضع فيها التراب مخزوقة والتراب منتثر في عبه. فجمعنا التراب ورأينا أن المكان من المحرمة ، حيث كان التراب ، قد تأكلّ ، فأخذنا التراب ووضعناه في قنينة وهي فقدت مع حوائجه في مصر ، مع غيرها من الأشياء التي كانت معه. وقبل النوم سجلنا جميع ما رأيناه بالدفتر ، من الورقة اليومية ، على حسب عادتنا كل ليلة ، ثم نمنا.
وفي اليوم الثاني أخذنا نتحدث عن المغارة فقال الشيخ إبراهيم : إن أهالي تدمر كانوا يخرجون منها المعادن ولربما أيضا كانوا يخرجون الذهب إذ يوجد فيها الكبريت الذي هو أبو الذهب ، إذ حيث يوجد الكبريت الأصفر يوجد أيضا الذهب ، وهذا شيء طبيعي وكيمائي. وبالأكيد يجب أن يكون فيها ذلك المعدن (١) ، لأن مخادع المغارة غير طبيعية ، ولكنها من حفر اليد. وهناك أيضا أشياء كثيرة تحتاج إلى شرح ، ولكن بما أنه قد سبق الكلام عنها قبلنا فليس في الإعادة إفادة. وهذه الكلمات التي كتبناها عن تدمر فاعتقادنا أنه لم يعرفها غيرنا من السواح ، فلهذا السبب حرّرناها.
وأثناء ذلك الوقت كانت امتلأت نواحي تدمر بالعربان من كل الجهات ، والأمير مهنا الفاضل الذي نحن نرغب في الوصول إليه كان اقترب من أراضي تدمر ، وتيسرت أمورنا بعون الله وأصبحنا في غاية الحظ. وبعد قليل من الأيام حضر الأمير ناصر المهنا ، من أولاد الأمير مهنا الفاضل وكبير أبنائه ، ودخل تدمر مع عشرة خيالة فقط ونزل عند الشيخ. فذهبنا
__________________
(١) عبارة الصائغ : «وبالأكيد لازم يكون ذلك معدن».