وهنا فصول. الأول فيمن يجب قتاله
وكيفية القتال وأحكام الذمة
(يجب قتال الحربي) (١) وهو غير الكتابي من أصناف الكفار الذين لا ينتسبون
______________________________________________________
(١) اعلم أنه من يجب قتاله ثلاثة : البغاة على الإمام من المسلمين ، وأهل الذمة وهم اليهود والنصارى والمجوس إذا أخلوا بشرائط الذمة ، ومن عدا هؤلاء من أصناف الكفار.
فالباغي يجب قتاله حتى يفيء إلى أمر الله ، واليهود والنصارى يقاتلوا على الإسلام فإن دفعوا الجزية فهو وإلا فالقتل ، وكذا من له شبهة كتاب وهم المجوس ، والباقي من أصناف الكفار لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل.
أما الأول فسيأتي الكلام فيه ، وأما الثالث فلا خلاف فيه ، لقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (١) ، وقوله تعالى : (فَإِذٰا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقٰابِ) (٢) ، وهما مخصصتان بأهل الكتاب إذا دفعوا الجزية كما ستعرف ، وأما الثاني فلا خلاف فيه لقوله تعالى : (قٰاتِلُوا الَّذِينَ لٰا يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَلٰا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَلٰا يُحَرِّمُونَ مٰا حَرَّمَ اللّٰهُ وَرَسُولُهُ ، وَلٰا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حَتّٰى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صٰاغِرُونَ) (٣) ، وخبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا بعث أميرا له على سرية أمره بتقوى الله عزوجل في خاصة نفسه ثم في أصحابه عامة ـ إلى أن قال ـ وإذا لقيتم عددا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث ، فإن هم اجابوكم إليها فاقبلوا منهم وكفوا عنهم ، ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفوا عنهم ، وادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام فإن فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم ـ إلى أن قال ـ فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون ، فإن اعطوا الجزية فاقبل منهم وكف عنهم ، وإن أبوا فاستعن بالله عزوجل عليهم وجاهدهم في الله حق جهاده) (٤) ، المحمول على أهل الكتاب بشهادة الآية المتقدمة.
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى بلا خلاف بين المسلمين ، وكذا المجوس على المشهور إلا من العماني حيث ألحقهم بعبادة الأوثان وغيرهم ممن لا يقبل منهم إلا الإسلام ولكن
__________________
(١) سورة التوبة الآية : ٥.
(٢) سورة محمد (ص) الآية : ٤.
(٣) سورة التوبة الآية : ٢٩.
(٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب جهاد العدو حديث ٣.