من ذلك وجوبهما على الله تعالى اللازم منه (١) خلاف (٢) الواقع إن قام به ، أو الإخلال بحكمه تعالى إن لم يقم ، لاستلزام القيام به على هذا الوجه الالجاء الممتنع في (٣) التكليف ، ويجوز اختلاف الواجب باختلاف محالّه (٤) خصوصا مع ظهور المانع (٥) فيكون الواجب في حقه تعالى الانذار والتخويف بالمخالفة ، لئلا يبطل التكليف وقد فعل.
وأما الثاني فكثير في الكتاب والسنة كقوله تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (٦) ، وقوله عليهالسلام : (لتأمرنّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليسلطنّ الله شراركم على خياركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم) (٧) ، ومن طرق أهل البيت عليهمالسلام فيه ما يقصم الظهور
______________________________________________________
ـ عن المنكر لطف ، واللطف واجب عقلا ، مع تسليم العدلية بصحة الكبرى ، ومعنى اللطف هو كل ما يقرّب إلى الطاعة ويبعّد عن المعصية من غير أن يصل إلى حد الإلجاء.
وذهب السيد والحلي والحلبي ونصير الدين الطوسي والكركي بل في السراء نسبته إلى جمهور المتكلّمين والمحصلين من الفقهاء أنه غير واجب عقلا نعم وجوبه سمعي وذلك : لو كانا واجبين عقلا من باب اللطف لوجبا على الله تعالى ، لأن كل واجب عقلي يكون واجبا على من جعل فيه وجه الوجوب ، ولو حرجيا على الله للزم عدم ارتفاع المعروف وعدم وقوع المنكر ، أو إخلاله تعالى بالواجب ، فلو فعلهما المولى للزم الأول ولو لم يفعلها للزم الثاني ، واللازم بقسميه ظاهر البطلان.
وردّ بأن الواجب يختلف ، باختلاف الآمرين والناهين ، فهو واجب علينا بالقلب واللسان واليد ، وعلى العاجز منا بالقلب فقط ، وهو واجب على الله تعالى بالإنذار والتخويف عند المخالفة ، وقد وقع ذلك منه تعالى في الكثير من الآيات القرآنية ، ولا دليل على وجوب اللطف عليه تعالى بأزيد من ذلك بعد بعث الرسل وإنزال الكتب وتبليغ الأحكام والإنذار والتخويف للعاصي والترغيب والتشويق للمطيع.
(١) أي من وجوبهما على الله تعالى.
(٢) وهو ارتفاع المنكر ووقوع المعروف.
(٣) وهو على خلاف معنى اللطف.
(٤) على الآمرين والناهين.
(٥) وهو عدم جواز الإلجاء المبطل للتكليف.
(٦) آل عمران آية : ١٠٤.
(٧) مستدرك الوسائل الباب ـ ـ من أبواب الأمر والنهي حديث ١٧.