جزيرة القلزم ، فصرخوا به فخرج ، فقالوا : يا دمرياط أجبّ سليمان ، قال : وأين سليمان؟ أليس قد هلك ، ألقيت خاتمه حيث لا يرجع ملكه إليه أبدا!؟ فقالوا : ويلك ، إنّ سليمان قد ردّ الله إليه خاتمه ورجع إليه ملكه ، فقال الفاسق : لا والله لا آتيه أبدا ، فرجعوا إلى سليمان فقالوا : إنه قد أبى ، فدعا سليمان بطينة فختمها بخاتمه ثم قال : انطلقوا بهذه الطّينة واصرخوا به ، فإذا خرج فاطرحوا الطّينة إليه فإنّه سيأتي صاغرا ، فانطلقوا فصرخوا به ، فلمّا خرج إليهم ، قالوا : انطلق إلى سليمان ، قال : لا والله ، قالوا : فانظر في هذه الطينة ، فطرحوا إليه الطّينة ، فنظر فيها ، فبكى وقال : قهرني سليمان بسلطان ربّي ، فجاء حتى عبر إليهم فأخذوه وأوثقوه ، وأتوا به سليمان ، فلمّا كلمه سليمان قال له دمرياط : لا عذر لي فاصنع ما أنت صانع. فأمر سليمان الشياطين ، فأتوه بحجر طوله أربعون ذراعا فقال : خذوا الخبيث فأدخلوه في جوفه ، ثم أمر بالقطر ـ وهو النّحاس الأحمر ـ فصبّ عليه ، ثم قال : خذوا هذه الصخرة فانطلقوا بها إلى القلزم فاطرحوه في قعرها ففعلت الشياطين (١).
قال ابن عباس :
لم يجر عرش صاحبة سبأ بين السماء والأرض ، ولكنه انشقّت له الأرض ، فجرى تحت الأرض حتى ظهر بين يدي سليمان.
وكان عرشها ثلاثة أبيات بعضها على بعض من ياقوتة حمراء ، على أربع دعائم.
قال أبو المليح :
أردت سفرا فأتيت ميمون بن مهران أودّعه فقال لي : لا تيأس أن تصيب في سفرك هذا أفضل ما طلبت ، فإنّ موسى خرج يقتبس لأهله نارا فكلّمه الله ، وإنّ صاحبة سبأ خرجت ليس شيء أحبّ إليها من ملكها فرزقها الله الإسلام.
قال همّام بن منبّه :
قدمت مكة فجلست إلى ابن الزّبير ومعه جماعة من قريش. فقال رجل من قريش : ممّن أنت؟ قلت : من اليمن. قال : ما فعلت عجوزكم؟ قلت : أيّ عجوز؟ قال : بلقيس. قلت له : عجوزنا أسلمت مع سليمان صلىاللهعليهوسلم. وعجوزكم حمّالة الحطب في جيدها حبل من مسد.
__________________
(١) في الطبري أنه جاب له صخرة ، فأدخله فيها ثم سدّ عليه بأخرى ، ثم أوثقها بالحديد والرصاص ، ثم أمر به فقذف في البحر ، وقيل : إنه أمر به فجعل في صندوق حديد ، ثم أطبق عليه ، وأقفل عليه بقفل ، وختم عليه بخاتمه ، ثم أمر به فألقي في البحر.