ثم قال : « رأيت الملائكة تغسّله ـ قالوا : لأنّ حمزة كان جُنباً ذلك اليوم ـ ولم يغسّل رسول الله صلىاللهعليهوآله الشهداء يومئذٍ » ، وقال :
« لُفّوهم بدمائهم وجراحهم فإنّه ليس أحد يخرج في سبيل الله إلّا جاء يوم القيامة لون جرحه لون الدم ، وريحه ريح المسك ».
ثم قال صلىاللهعليهوآله : « ضعوهم فأنا الشهيد على هؤلاء يوم القيامة ».
وكان حمزة أول من كبّر عليه أربعاً ، ثم جمع إليه الشهداء ، فكان كلّما اُتي بشهيدٍ وُضِع إلى جنب حمزة فصلّى عليه وعلى الشهيد ، حتى صلّى عليه سبعين مرّة (١) ؛ لأنّهم كانوا سبعين شهيداً.
قال الواقدي : ويقال : كان يؤتى بتسعة وحمزة عاشرهم ، فيصلّي عليهم ، وترفع التسعة ، ويترك حمزة مكانه ، ويؤتى بتسعة آخرين فيوضعون إلى جنب حمزة فيصلّي عليه وعليهم ، حتى فعل ذلك سبع مرات. ويقال : إنّه كبّر عليه خمساً وسبعاً ، وتسعاً (٢).
قال الواقدي : وقد اختلفت الرواية في هذا ، وكان طلحة بن عبيدالله وابن عباس وجابر بن عبدالله يقولون : صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله على قتلى اُحد ، وقال : « أنا شهيد على هؤلاء » ، فقال أبوبكر : ألسنا إخوانهم أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا ؟
قال : « بلى ، ولكنّ هؤلاء لم يأكلوا من اُجورهم شيئاً ، ولا أدري ما تحدثون
___________________________________
١ ـ إمتاع الأسماع : ١ / ١٧٣ ، وفي البحار : ٢٠ / ٦٣ ذكر فيه سبعين مرّة.
٢ ـ السيرة الحلبيّة : ٢ / ٥٣٦.