وأمّا الإجماع فأجمع العلماء على استحباب زيارة القبور للرجال ، كما حكاه النووي ، بل قال بعض الظاهرية بوجوبها... (١).
هذا غيض من فيض ممّا قاله العلماء في استحباب زيارة القبور ، فما ظنّك بمن يجاور رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا يزوره حيّاً فترةً من الزمان ؟ أليس هذا هو الجفاء بعينه ؟!
فما الفرق في زيارته في حياته وبعد مماته ؟
وهو القائل : « مَن زارني بعد موتي كمن زارني في حياتي ».
أزوره لاُجدّد العهد.
أزوره لأتذكّر معاناته.
أزوره لأنّه أخرجنا بالإسلام من الظلمات إلى النور.
أزوره لأنّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وحبيب الله ، وخاتِم الأنبياء والمرسلين ، جاء من عند الله وصدّق المرسلين.
أزوره امتثالاً لأمر الله ، وتعظيماً لتلك الروح المقدّسة التي عانت ما عانت في سبيل إظهار الحق ، وإزهاق الباطل.
أزوره لأتأسّىٰ به ؛ لأنّه خير من يُتأسّٰ كما قال تعالى :
( لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٢).
فرسول الله صلىاللهعليهوآله أجاز بأمرٍ من الله تعالى زيارة القبور ، وأمرنا أن نزورها بعد أن زارها بنفسه ، والصحابة والتابعون ، وأمرنا تعالى بطاعته
___________________________________
١ ـ وفاء الوفا : ٤ / ١٣٦٢.
٢ ـ الأحزاب : ٢١.