وبقيت القباب والمآذن تناطح السحاب !
فهول هناك من شاهد أعظم من هذه الشواهد لنقول : إنَّ الحسين عليهالسلام على حق ، وإنَّ أعداءه على باطل ؟ فهل من سبيل إلى الاتّعاظ ؟
ولم يتيسّر لبني اُميّة ما أرادوا ، وكان قد بُني عليه مسجد ، ولم يزل كذلك بعد بني اُميّة ، وفي زمن بني العباس ، إلّا على زمن الرشيد ـ لعنه الله ـ فإنَّه خرّبه وقطع السدرة التي كانت نابتة عنده ، وكرب موضع القبر ، ثم اُعيد على زمن المأمون وغيره ، إلى أن حكم اللعين المتوكّل من بني العباس ، وكان سيئَ الاعتقاد في آل أبي طالب ، شديد الوطأة عليهم ، قبيح المعاملة معهم ، ووافقه على ذلك وزيره عبدالله بن يحيى لعنه الله ، فبلغ من سوء معاملتهم ما لم يبلغه أحد ممّن تقدّم من بني اُميّة وبني العباس ، فأمر بتخريب قبر الحسين عليهالسلام وقبور أصحابه ، وكرب مواضعها ، وأجرى الماء عليها ، ومنع الزوّار عن زيارتها ، وأقام الرصد ، وشدّد في ذلك ، حتى كان يقتل من يوجد زائراً ، وولّىٰ رجلاً كان أصله يهوديّاً ، ثم أسلم يقال له : الديزج.
وسلّط اللعين قوماً من اليهود على ذلك حتى تولّوه ، وسأذكر نبذةً من فعله ـ عليه اللعنة ـ إلى أن قتل المتوكِّل (١).
الذي يراجع التاريخ جيّداً يجد أنَّ بني اُميّة عملوا على طمس معالم الدين في كلِّ صغيرة وكبيرة جاء بها ، وهكذا كان شأن أعداء الدين ، وإن كانوا يدّعون الإسلام ، والحال من خلال هذه الفكرة يمكن أن يخرج الباحث بكتاب له شأن ، يثبت فيه ما جاء في القرآن والحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والأئمة الهداة الميامين ، وما جاء به المخالفون ، كما هو واضح
___________________________________
١ ـ تسلية المجالس : ٢ / ٤٧٣ ـ ٤٧٤.