كذلك كانت هذه الأرض مَيتةً |
|
فأنشرها جودُ العميد أبي سعدِ |
إلى أن قال : فلمّا جاء شرف الملك سنة ثلاثٍ وخمسين عزم على إحداث القبة وهي هذه ، فهدم جميع أبنية المسجد وما يحيط بالقبر وبنى هذا المشهد ، فجاء بالقطّاعين والمهندسين ، وقدّر لها ما بين اُلوف آجر ، وابتاع دوراً من جوار المشهد ، وحفر أساس القبّة (١).
عرضت هذه النصوص لتعرف ـ أخي القارئ ـ أنّ الناصب للإسلام ولأهل بيت الرحمة عليهمالسلام العداء كم هو مشتبه ؟ وكم هو مغالط لنفسه وللآخرين في تعامله وكَيلِه بمكيالين ؟ وإنّي لا اُريد أن أعيب فلاناً من الناس أو علاناً ، ولكن كما قيل : الحرُّ تَكفِيهِ الإشارةُ !
البناء المشيَّد على قبر أبي حنيفة ، والمدرسة المحيطة بقبره ، والقبّة الشامخة والمِئذنة الشاخصة ، كلّ اُولئك لاتكفي أن نقول : ما الفرق بينها وبين ما نجدهُ في مشهد الإمامين العسكريّين الذي نُسفَ ، وبين ماهو في كربلاء والنجف الذي ضرب بالمدافع والدبابات ؟
أليس الشيخ عبدالقادر الگيلاني عليه ضريح وقبّة فضّية ومآذن ؟!
أليس له هناك مدرسة علمية ؟!
أليس القبر يزار ليل نهار ، وتأتيه الزوار من أنحاء العراق وخارجه ؟!
فلماذا تُنسَف وتُحرَث قبور أهل البيت عليهمالسلام وتُعَزُّ قبور.... ؟
نترك لك الجواب أخي القارئ لتحكم : أيّ الفريقين على حق ؟ وكما قيل : ما اختلف اثنان إلّا وكان أحدهما على صواب. ولولا الإطالة لذكرت لك الكثير من هذا الباب ، وأتيتك بالصور التي تثبت ذلك.
ثم روى عن أبي الحسين ابن المهتدي أنّه يقول : لايصحّ أن يكون قبر أبي حنيفة في هذا الموضع الذي بنوا عليه القبّة ، وكان الحجيج قبل
___________________________________
١ ـ المنتظم : ٨ / ٢٤٥ ، عنه الغدير : ٥ / ٢٧٦.