وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلىٰ خَلْقِكَ
________________________________________________
الحجة : هي البرهان وقيل : الحجة الكلام المستقيم على الاطلاق ، ويراد بها الدليل والبرهان ، ثم إن البرهان قد يكون باللفظ ، وقد يكون بالعمل ، والبرهان العملي ابلغ في إثبات الدعوى لأنه لا يحتمل الخطاء .
ومن المعلوم أن أول الدلائل في مقام الحجة هو الوجدان ، وهذا بخلاف البرهان اللفظي فإنه لا يتجاوز إلّا الادعاء على المدعى ، ومن المعلوم أيضاً أن الأذواق والافهام مختلفة لجودة الدرك وعدمها في الأشخاص ، فحينئذ لازمة طرّو الاشتباه في الدلالة اللفظية ، ولذا يحتاج في قطعية الدلالة اللفظية إلى احتفافه بالقرائن اللفظية الأُخرى والحالية ونحوها وهذا بخلاف البرهان العملي .
وقد علم مما سبق أن الامام الحسين عليهالسلام كما في هذه الزيارة والأئمة الأطهار عليهمالسلام براهين وحجج تامة لله تعالى في السرّ والعلانية على خلقه في عالم الوجود مطلقاً من عالم الدنيا والآخرة والاُولى وهي عالم الأرواح والذر ، كما ورد في زيارة الجامعة « وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأُولى » فمعنى الأولى أي في عالم الذر وسوف نشير إلى بعض الروايات الواردة في هذا المقام .
وأما قوله عليهالسلام « عَلىٰ خَلْقِكَ » :
فإن معنى الخلق : هو جميع ما سوى الله تعالى من المجردات والماديات والعقول والنفوس والحيوانات والنباتات ... الخ ، فجميع اصناف الخلق معنون بعنوان انه مخلق لله تعالى فهو خالق كل شيء ، وعليه فالخليقة كالجنس يشمل جميع أنواع الموجودات ، وإن شئت فقل ان الخلق مساوق للايجاد والوجود .
قال بعض الأعلام : قد يظن ان الخالق
والباري والمصوّر الفاظ مترادفة بمعنى الخلق والاختراع كما قال تعالى : ( هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ
الْمُصَوِّرُ )