اَشْهَدُ اَنَّكَ كُنْتَ نُوراً في الْأَصْلابِ الشّامِخَةِ وَالْأَرْحامِ الْمُطَهَّرَةِ
________________________________________________
النور : هو الظاهر بنفسه المظهر لغيره ، وحقيقة انوار أهل البيت غير معلومة لنا لكونها فوق ادراكاتنا فلا يعرفهم غيرهم ، كما قال النبي صلىاللهعليهوآله : يا علي ما عرفني إلّا الله وأنت وما عرفك إلّا الله وأنا (١) ، فلا ندرك مقامهم هذا سوى الاجمال كما لا ندرك في مقام الحق سوى ذلك وبيانه ان العالي محيط بالسافل دون العكس .
ورد في البحار (٢) عن قبيصة بن يزيد الجعفي قال : دخلت على الصادق عليهالسلام وعنده ابي ظبيان والقاسم الصيمري فسلمت وجلست وقلت : يابن رسول الله أين كنتم قبل أن يخلق الله سماء مبنية وأرضاً مدحية أو ظلمة أو نوراً ؟ قال : « كنا أشباح نور حول العرش نسبح الله قبل أن يخلق آدم عليهالسلام بخمسة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم عليهالسلام فرغنا في صلبه فلم يزل ينقلنا من صلب طاهر إلى رحم مطهّر حتى بعث الله محمداً صلىاللهعليهوآله » .
فقوله أين كنتم يستفاد منه إنهم كانوا مخلوقين قبل خلق السماء والأرض وغيرهما وكان هذا أمراً مسلماً عند الشيعة آنذاك وإنما سؤاله عنه عليهالسلام من حيث إنهم أين كانوا فقوله عليهالسلام : « كنا أشباح نور حول العرش » يشير إلى الخلق الأول وقوله : « فلما خلق آدم فرغنا في صلبه » يشير إلى الخلق الثاني .
فالإمام الصادق عليهالسلام في هذه الزيارة الأربعينية يشير إلى مقام نورانيته الذي يجب على كل مؤمن الاقرار به كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام لسلمان : « يا سلمان لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يعرفني بالنوارنيّة فإذا عرفني بذلك فهو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، وشرح صورة للإسلام وصار عارفاً بدينه ،
__________________
(١) مشارق انوار اليقين : ٢٠١ .
(٢) بحار الأنوار ١٥ : ٧ .