فَجاهَدَهُمْ فيكَ
________________________________________________
جاهد العدوّ : قاتله في سبيل الله ، قال في المجمع : قوله تعالى : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) أي في عبادة الله ، قيل : الجهاد بمعنى رتبة الإحسان ، ومعنى رتبة الإحسان هو انك تعبد ربك كأنك تراه فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك ، ولذلك قال : حق جهاده ، أي جهاداً حقاً كما ينبغي بجذب النفس ، وخلوصها عن شوائب الرياء والسمعة مع الخشوع والخضوع ، والجهاد مع النفس الأمارة واللوامة في نصرة النفس العاقلة المطمئنة وهو الجهاد الأكبر ، ولذلك ورد عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه رجع من بعض غزواته فقال : « رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر » .
فالإمام الحسين عليهالسلام جاهد في الله تعالى وبذل النفس والمال لاعلاء كلمة التوحيد وإحياء دين جده رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لا الجهاد مع النفس لاصلاحها فإنهم عليهمالسلام منزهون عن دناسة النفس ، فأنفسهم طاهرة مطهرة كما أخبر الله تعالى بذلك في آية التطهير ، وإن أبيت إلّا أن يراد من الجهاد الأعم منه ومن الجهاد مع النفس فحينئذ معنى جهادهم مع أنفسهم هو عدم اقدامهم على المكاره أو المعاصي مع تمكنهم منها .
ضرورة أن عصمتم عليهالسلام وان اوجبت عدم صدور المعاصي عنهم إلّا أنه لا بنحو الجبر بل بنحو الاختيار ، فعصمتهم لم تنف امكان اقدامهم على المعاصي ، قال علي عليهالسلام : « لولا التقى لكنت ادهى العرب » أي إني يمكنني الدهاء إلّا أن التقوى المعبر بها هنا بالعصمة تمنعني عنه كما لا يخفى .
فجهادهم مع النفس عبارة عن عدم اقدامهم على المعاصي بعد ما كانت لهم المكنة عليها كما لا يخفى ، إلّا أن جهادهم معها لا لأجل تطهيرها عن الرذائل قال الإمام الحسن عليهالسلام لمعاوية ما حاصله : « إن الله تعالى قد طهرني من الرذائل كما قد برّاك من الفضائل » .