بل إن عصرنا هذا وجيلنا الحاضر هو أكثر تمسُّكاً وأشدّ محافظة على هذا التقليد من السابق ، فترى بعض الدول ـ التي ليس لها زعيم سابق معروف وبطل عالمي شهير تمجّد فيه البطولة والفداء في سبيل الاُمة ـ يعمدون إلى بناء نصب تذكاري يسمونه ( الجندي المجهول ) يرمزون به على التضحية الفذّة والفداء المثالي في سبيل الوطن ، ويمجّدون فيه البطولة والشهامة .
وها نحن نسمع ونقرأ ونرى إنه ما من رئيس دولة زار أو يزور دولة أُخرى في الشرق أو في الغرب إلّا وكان في برامج زيارته موعد خاص لزيارة ضريح عظيم تلك الدولة أو مؤسِّسها أو محرِّرها ، أو زيارة النصب التذكاري فيها للجندي المجهول . فيضع على ذلك الضريح أو ذلك النصب اكليلاً من الزهور ويؤدّي التحيّة المرسومة .
ولذلك ترى الشعوب غير المسلمة تنحت الصور وتقيم التماثيل لرجالها المصلحين في الساحات العامة والمواقع الحساسة من مدنها ... لماذا يصنعون ذلك ؟ لا شك أنك تعرف أنهم يفعلون ذلك تكريماً لذكراهم وشكراً لتضحياتهم وتلقيناً لسيرتهم وعملهم إلى الشباب الحاضر والأجيال القادمة .
غير أن الإسلام يحرم النحت وصنع التماثيل مطلقاً ولأي شخص كان ، فلذا ليس أمامنا نحن المسلمين لأجل تكريم زعمائنا المخلصين وشهدائنا الأحرار لأجل الاعراب عن شكرنا لهم ، ولأجل تلقين أجيالنا الطالعة سيرتهم ومبادءهم إلّا زيارة قبورهم والوقوف أمام مراقدهم خاشعين مستوحين منها ذكريات التضحية والفداء في سبيل المصلحة العامة .
هذا منطق الشيعة وفلسفتهم لهذه الظاهرة وهو كما تراه منطق العقل في كل زمان ومكان .
وعليه فإن زيارة قبور الأبطال ومراقد
العظماء وأضرحة الشهداء سيرة عقلائية وسُنَّة إنسانية لا تخصّ قوماً أو أُمة أو طائفة ، فلماذا يلام الشيعة على زيارة