مراتب متعدّدة ، والكلي التشكيكي ما يتفاوت في التقدم والتأخر والضعف والأولوية ، ويقابله الكلي المتواطي كالانسان ، ولهذا قال مولى الموحّدين عليهالسلام : « تكلّموا تُعرفوا ، فإنّ الإنسان مخبوء تحت طيّ لسانه » (١) ، وجاء أيضاً : « تكلّموا يرحمكم الله فبالكلام يُعرف قَدركم » فالمعرفة إذن هي أُسّ الكمال لكل قابل لها ، لأن المعرفة مختصّة بمن له إدراك دون سواه .
والمعرفة على ثلاثة أنحاء : جلالية وجمالية وكمالية ، ونذكر مثالاً لتقريب المعنى : فإنك لو رأيت جبلاً عن بُعدٍ فإنك ستعرفه بحدوده ، وإنه ليس شجراً ولا حيواناً ولا إنساناً وإنما هو جبل ، فهذه المعرفة يقال لها معرفة جلالية ، ولكن لو اقتربت منه ورأيت جماله وصلابته وشموخه فهذه معرفة جمالية ، وعندما تصعد عليه وترى كنهه وواقعه فهذه معرفة كمالية ، وهكذا معرفتنا نحن للأئمة الأطهار عليهمالسلام .
وقد ورد في الزيارة الجامعة : « ما من وضيع ولا شريف ولا عالم ولا جاهل إلّا عرف جلالة قدركم » أي حتى عدوّهم يشهد بفضلهم لأنه يعرفهم معرفة جلالية ، وهناك من يعرف أمير المؤمنين والإمام الحسين عليهالسلام بمعرفة جمالية ، فلذلك استحق سلمان أن يكون من أهل البيت عليهمالسلام فقالوا في حقه « سلمان منّا أهل البيت » فتراه ملازماً لأمير المؤمنين عليهالسلام ، فكلّما دخل الأصحاب المسجد وجدوا سلمان بجوار مولاه يشرب من معينه الصافي ، فاتفقوا عل أن يسبقوا سلمان إل أمير المؤمنين عليهالسلام ، فبكروا بالمجيء وفعلاً لم يجدوا في الطريق إلّا آثار أقدام الإمام عليهالسلام ففرحوا بذلك ، ولكن عندما وصلوا المسجد وجدوا سلمان جالساً عند أمير المؤمنين عليهالسلام فتفاجؤا فقالوا : يا سلمان من أين أتيت ؟ انزلت من السماء أم خرجت من الأرض ؟
__________________
(١) نهج البلاغة ، قصار الكلمات .