المسألة السادسة ـ قال الشيخ في النهاية : لا يجوز بيع الغنم باللحم لا وزنا ولا جزافا ، وكذا قال المفيد وسلار وابن البراج ، وفي الخلاف والمبسوط : لا يجوز بيع اللحم بالحيوان إذا كان من جنسه ، كلحم الشاة بالشاة ، ولحم البقر بالبقر ، وان اختلف لم يكن به بأس ، وكذا قال ابن حمزة ، وهو مذهب ابن الجنيد أيضا ، وقال ابن إدريس : يجوز ذلك إذا كان اللحم موزونا ، سواء اتفق الجنس أولا يدا بيد ، وسلفا أيضا ان كان اللحم معجلا ، دون العكس ، إذ لا يجوز السلف في اللحم ، ويجوز في الحيوان.
قال في المختلف بعد نقل ما ذكرناه ، والأقرب الأول ، لنا أنه أحوط وأسلم من الربا ، ولانه قول من ذكرنا من علمائنا ، ولم نقف لغيرهم منا على مخالف ، وابن إدريس قوله محدث لا يعول عليه ، ولا يثلم في الإجماع ، ولان الشيخ احتج عليه في الخلاف بإجماع الفرقة ـ ونقله حجة لثقته وعدالته ومعرفته ، ـ وبما رواه غياث ابن إبراهيم (١) في الموثق عن الصادق (عليهالسلام) «أن أمير المؤمنين (عليهالسلام) كره اللحم بالحيوان». لا يقال : ان غياث ابن إبراهيم بتري والمتن غير دال على المطلوب ، إذ الكراهة لا تدل على التحريم ، لأنا نقول : ان غياثا وان كان بتريا (٢) الا أن أصحابنا وثقوه ، فيغلب على الظن ما نقله ، والظن يجب العمل به ، والكراهة تستعمل كثيرا في التحريم.
احتج ابن إدريس بأن المقتضى ـ وهو قول الله تعالى (٣) «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» ـ موجود ، والمانع ـ وهو الربا ـ منفي ، لأن الربا انما ثبت في الموزون ، والحيوان الحي ليس بموزون ، والجواب المنع من نفى المانع ، ومن كون المانع هو الربا خاصة ، ولو قيل : بالجواز في الحيوان الحي دون المذبوح جمعا بين الأدلة كان
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ١٩١.
(٢) وفي الجمع : البترية بضم الموحدة فالسكون فرق من الزيدية.
(٣) سورة البقرة الآية ـ ٢٧٥.