من تدافع ، لأنه في الحيثية الأولى ذكر أن العادة بيعه بالوزن بعد الذبح ، وبنى التحريم على ذلك ، وفي الحيثية الثانية نفى عدم تحقق ذلك عادة ، وبنى عليه الجواز ، وهل هو الا تناقض ظاهر كما لا يخفى على كل ناظر ، فضلا عن الخبير الماهر.
ثم ان ممن اختلف كلامه في هذه المسألة أيضا المحقق ، فقال : في الشرائع ، بالتحريم ، وفي النافع. بالكراهة كما ذهب اليه ابن إدريس ، وهذا القول الأخير هو الذي نقله عنه في نكت الإرشاد ، وقال في المسالك ـ بعد قول المصنف «ولا يجوز بيع لحم بحيوان من جنسه» الى آخره : ـ هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وخالف فيه ابن إدريس فحكم بالجواز ، لان الحيوان غير مقدر بأحد الأمرين وهو قوى مع كونه حيا ، والا فالمنع أقوى ، والظاهر أنه موضع النزاع انتهى.
وهو مؤيد لما قدمنا ذكره ، وتنظر صاحب الكفاية فيه لعله مبنى على ما ذكره الأردبيلي مما قدمنا نقله عنه ، وقد عرفت ما فيه.
وبالجملة فالتحقيق أن كلام المتقدمين ومن تبعهم من المتأخرين شامل للحيوان الحي والمذبوح ، كما هو ظاهر كلام العلامة في المختلف ، في رده على ابن إدريس ، حيث التجأ إلى جواز أن يكون المانع أمر آخر غير الربا ، ومثله الشهيد في نكت الإرشاد ، (١).
__________________
(١) أقول : قال الشهيد في نكت الإرشاد ـ بعد قول المصنف ويجوز بيع اللحم بالشاة على رأى ـ ما لفظه : هذا مذهب ابن إدريس ونجم الدين ، وزاد ابن إدريس جواز إسلاف اللحم في الحيوان لا العكس ، لعموم «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» ولان الربا انما هو في الموزون والمكيل ، وظاهر أن الشاة ليست أحدهما ، وأجيب بأن العام يخصص بدليل ، وبمنع اختصاص الربا بما ذكره ، ونمنع أنه من باب الربا ، بل هو محرم لعلة ، لا من جهة الربا ، ثم نقل مذهب الشيخين ومن تبعهما ، وذكر احتجاج العلامة ، وظاهره التوقف ، حيث اقتصر على نقل الأقوال ، ولم يوضح شيئا