الحكم المذكور ، ونقل عن الشافعي الخلاف في ذلك محتجا بحصول التفاوت عند المقابلة على بعض الوجوه ، كما لو بيع مد ودرهم بمدين ، والدرهم ثمن لمد ونصف بحسب القيمة الحاضرة ، ثم أجاب عنه بأن الزيادة حينئذ بمقتضى التقسيط لا بالبيع ، فإنه انما وقع على المجموع بالمجموع.
قال : ويشكل الحكم لو احتيج الى التقسيط شرعا ، كما تلف الدرهم المعين قبل القبض أو ظهر مستحقا مطلقا ، وكان في مقابله ما يوجب الزيادة المفضية إلى الربا ، فإنه حينئذ يحتمل بطلان البيع من رأس ، للزوم التفاوت في الجنس الواحد ، كما لو باع مدا ودرهما بمدين أو درهمين مثلا ، فان الدرهم التالف إذا كان نصف المبيع ، بأن كانت قيمة المد درهما يبطل البيع في نصف الثمن ، فيبقى النصف الأخر ، وحيث كان منزلا على الإشاعة ، كان النصف في كل من الجنسين ، فيكون نصف المدين ونصف الدرهمين في مقابلة المد ، فيلزم الزيادة الموجبة للبطلان الى آخر ما ذكره من الكلام ، وتعدد الاحتمال في المقام.
وفيه ان هذا لا يوجب إشكالا في أصل المسألة لخروجها بهذا الفرض عما هي عليه أولا ، والغرض انما هو بيان صحة الحكم بما ذكرنا كما اتفقت عليه الاخبار والإجماع في الصورة المفروضة ، وأما مع الخروج عنها الى فرض آخر كما إذا اتفق الأمر كما ذكره ، فهي مسألة أخرى ، يرجع فيها إلى الأصول المقررة والقواعد المعتبرة ، فلا اشكال بحمد الله الملك المتعال.
الثاني ـ قال في الخلاف : يجوز بيع مد طعام ، بمد طعام وان كان في أحدهما فضل ، وهو عقد التبن أو زوان ، وهو حب أصغر منه دقيق الطرفين ، أو شيلم وهو معروف ، واحتج بالآية (١) وعدم المانع ، ونحوه في المبسوط الا أنه قال فيه : وقال قوم لا يجوز وهو الأحوط ، والمشهور بين الأصحاب الجواز ، صرح به ابن إدريس ومن تأخر عنه ، واحتجوا بأنها تابعة ، فلا يؤثر في المنع ، ولا في المماثلة
__________________
(١) سورة البقرة الآية ـ ٢٧٥.