أخبار كثيرة ما يدل على جواز الحيلة على نحو ذلك. انتهى وهو جيد.
وظاهر كلام المحقق الأردبيلي هنا يشير الى التوقف في ذلك ، قال في تمثيل ما أشار المصنف : مثل ان أراد بيع قفيز حنطة بقفيزين من شعير أو الجيد بالرديين ، وغير ذلك يبيع المساوي بالمساوي قدرا ويستوهب الزائد ، وهو ظاهر لو حصل القصد في البيع والهبة ، وينبغي الاجتناب عن الحيل مهما أمكن ، وإذا اضطر يستعمل ما ينجيه عند الله ، ولا ينظر الى الحيل ، وصورة جوازها ظاهر لما عرف من علة تحريم الربا : فكأنه الى ذلك أشار في التذكرة بقوله : لو دعت الضرورة إلى بيع الربويات مستفضلا مع اتحاد الجنس الى آخره ، وذكر الحيل. انتهى.
المسألة العاشرة ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في تحقق الربا وثبوته في غير البيع من المعاوضات ، وبالعموم صرح الشهيد الثاني وثاني المحققين في المسالك وشرح القواعد ، وذكر بعض المحققين أنه قول الأكثر ، وبالاختصاص يشعر كلام المحقق في كتاب البيع من الشرائع ، والعلامة في الإرشاد والقواعد ، الا أن المحقق في باب الغصب صرح بثبوته في كل معاوضة ، وهو ظاهر اختياره في باب الصلح ، والعلامة في باب الصلح من القواعد تردد في ذلك على ما نقله الشارح المتقدم ، وظاهر صاحبي المسالك وشرح القواعد الاستناد في العموم الى قوله عزوجل «وَحَرَّمَ الرِّبا» (١).
وفيه أن أمين الإسلام الطبرسي في كتاب مجمع البيان قال في تفسير الآية المذكورة ، معنى «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا» أحل الله البيع الذي لا ربا فيه وحرم البيع التي فيه الربا ، وعلى هذا فيكون الآية دليلا للاختصاص بالبيع ، ولا أقل أن يكون محتملة لذلك ، وعليه يكون الآية متشابهة لا تصلح للدلالة على شيء من القولين.
والتحقيق أن المعلوم من الاخبار ثبوته في البيع والقرض ، وأما غيرهما فإشكال ينشأ من عموم أدلة الحل ـ كأصالة الإباحة ودلالة الآيات والروايات على أن حصول
__________________
(١) سورة البقرة الآية ـ ٢٧٥.