الربا لكيلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف» (١). والظاهر أن المراد بالمعروف هو ما ذكره في الخبر الأول من القرض والرفد ، وأما ما ذكره بعض الأفاضل من أن خبر كتاب مجمع البيان انما هو مضمون هذين الخبرين ، وأن قوله قرضا ورفدا انما هو من كلام صاحب الكتاب تفسيرا منه للمعروف فالظاهر بعده ، لما علم من نقله في هذا الكتاب كثيرا أخبارا ليست في الكتب الأربعة ، وأيضا فلفظ خبره غير ألفاظ هذين الخبرين ، ومن القاعدة المعهودة بين المحدثين في نقل الاخبار أنه متى أريد تفسير بعض الألفاظ في الخبر يشيرون الى ذلك بلفظ يدل عليه.
وروى الصدوق بإسناده عن هشام بن الحكم (٢) أنه سأل أبا عبد الله (عليهالسلام) عن علة تحريم الربا ، فقال : انه لو كان حلالا لترك الناس التجارات وما يحتاجون اليه ، فحرم الله الربا ليفر الناس من الحرام الى الحلال والى التجارات من البيع والشراء ، فيبقى ذلك بينهم في القرض.
ويعضد ما ذكرناه من العموم أيضا ما نقله في كتاب مجمع البيان (٣) عن ابن عباس ، قال : «كان الرجل منهم إذا حل دينه على غريمه ، فطالبه به ، قال المطلوب منه : زدني في الأجل وأزيدك في المال ، فيتراضيان عليه ويعملان به ، فإذا قيل لهم : هذا ربا ، قالوا : هما سواء ، يعنون بذلك ان الزيادة في الثمن حال البيع ، والزيادة فيه بسبب الأجل عند محل الدين سواء فذمهم الله به ، وألحق الوعيد بهم
__________________
(١) أقول : ويعضده ما رواه الصدوق في العلل فيما كتبه الرضا (عليهالسلام) في جواب مسائل محمد بن سنان في حديث قال فيه : وعلة تحريم الربا بالنسيئة لعلة ذهاب المعروف ، وتلف الأموال ، ورغبة الناس في الربح ، وتركهم القرض ، والقرض صنائع المعروف. الحديث منه رحمهالله.
(٢) الفقيه ج ٣ ص ٣٧١.
(٣) تفسير المجمع ج ٢ ص ٣٨٩ ط صيدا.