وانما سمي الجنسان المذكوران ثمنا لأنهما يقعان عوضا عن الأشياء ، ويفترقان بباء العوض غالبا ، بل نقل العلامة قطب الدين الرازي عن شيخه العلامة الحلي (قدسسرهما) انهما ثمن وان اقترنت الباء بغيرهما ، حتى لو باع دينارا بحيوان ثبت للبائع الخيار مدعيا على ذلك الاتفاق.
وتحقيق الكلام في هذا الفصل يقع في مسائل.
الأولى ـ ينبغي أن يعلم انه يشترط في الصرف ـ زيادة على ما يشترط في مطلق البيع وفي الربا ـ التقابض قبل التفرق ، فلو تفرقا قبل التقابض بطل ، والكلام في التفرق هنا على حسب ما تقدم في خيار المجلس (١) وربما عبر بعضهم بالمجلس ، يعنى التقابض في المجلس ، والأظهر ما ذكرناه كما عبر به كثير منهم ، إذا المدار على عدم التفرق ، فلو فارقا المجلس مصطحبين فإنه ما لم يفترقا يصح التقابض.
ثم انه قد وقع الخلاف هنا في موضعين ، أحدهما ـ أنه قد صرح العلامة في التذكرة بأن القبض قبل التفرق شرط وواجب أيضا ، بمعنى أنهما لو تركاه يأثمان بذلك كما يأثمان بالربا ، فإن أراد التفرق قبله يفسخان العقد ، ثم يفترقان والا يأثمان ، وهو ظاهر في قطعه بوجوب الوفاء به ، والتأثيم بتركه اختيارا ، وجعله بمنزلة الربا ، حتى أوجب عليهما التفاسخ قبل التفرق لو تعذر عليهما التقابض ، وجعل تفرقهما قبله بمنزلة الربوي نسيئة ، فإن بطلانه لا يغني عن الإثم به.
وهو ظاهر عبارة الدروس أيضا حيث قال : ويجب فيه التقابض قبل التفرق ، وان كان الوجوب في مثل هذا المقام قد يعبر عنه عن الشرط ، ويسمى بالوجوب الشرطي ، وقد تقدم نظير هذه المسألة في كتاب الطهارة ، في الطهارة بالماء النجس وكيف كان فالظاهر بعد ما ذكره ، إذ غاية ما يستفاد من الاخبار بطلان العقد للإخلال بشرطه.
__________________
(١) ص ١٠.