فان ذلك حكم الأمانة الشرعية كما يأتي في محله إنشاء الله تعالى ، وحينئذ فلو ترك أثم وضمن.
وظاهر المحقق الأردبيلي المناقشة هنا ، فإنه قال بعد نقل ذلك عنهم : وفيه تأمل ، لأنه قد يتلف في الطريق مع أنه غير مأذون فيه ، وان أمكن أن يقال الظاهر أنه محسن غير مفرط ، إذ الفرض ذلك مع الا من من التلف في الطريق ، وان الغالب رضا صاحبه بذلك ، ولا يبعد وجوب الا علام أو الرد في صورة الجهل ، اما كونه فوريا فغير ظاهر نعم ينبغي ذلك بحيث لا يفوت غرض يتعلق بذلك المال ، ولا يعد القابض مهملا ومقصرا. انتهى.
وهو جيد وما نفى عنه البعد جيد حيث انه لا نص فيها على ما ذكروه ، وفيما ذكره جمع بين الحقين ، ومما يرجح القول بأنها شرعية ان حكم الأمانة المالكية عندهم انه يجب حفظها حتى يطلبها مالكها ، وفيما نحن فيه المالك لا علم له بها لانه دفعها جاهلا بها ، فكيف تيسر طلبه لها وهو لا يعلمها بالكلية ، وانها يجب على المالك حفظها الى آخر الدهر ، ثم انه على تقدير الغلط فاما ان يتبين الحال قبل التفرق ، أو بعده ، فان كان قبله فلكل منهما استرداد الزائد وإبداله ، وليس للآخر الامتناع تحذرا من الشركة ، وان كان بعد التفرق فان جوزنا الأبدال للعيب الجنسي كما تقدم في القول به فكذلك ، والا ثبت الخيار لكل منهما لعيب الشركة ، ولو كانت الزيادة يسيرة يتسامح بها فلا بأس ، ولهذا يستحب الإعطاء زائدا والأخذ ناقصا ، وقد يكون ذلك لاختلاف الموازين والمكائيل.
ومما يدل على ذلك الأخبار الواردة في فضول المكائيل والموازين ومنها ما رواه في الكافي عن على بن عطية (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام)
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ١٨٢ التهذيب ج ٧ ص ٤٠.