أتلفه البائع ، وان أصيب البعض أخذ السليم بحصته من الثمن ، ولو أتلفه أجنبي كان كان المشترى بالخيار بين فسخ البيع ومطالبة المتلف ، ولو كان بعد القبض ـ وهو التخلية ـ لم يرجع على البائع بشيء على الأشبه ، ولو أتلفه المشترى في يد البائع استقر العقد ، وكان الإتلاف كالقبض ، وكذا لو اشترى جارية وأعتقها قبل قبضها.
أقول : والكلام في هذه المسألة يقع في مواضع الأول ما ذكر من أن تلفه قبل القبض يكون من مال البائع إذا كان التلف بآفة ونحوها ، فإنه مبنى على القاعدة المشهورة ، من أنه مضمون على البائع قبل القبض ، والمعنى أنه ينفسخ العقد من حينه ، وتقدم الكلام في ذلك في المسألة الخامسة من المقام الثاني في أحكام الخيار (١) وذكرنا ثمة معارضة هذه القاعدة بالقاعدة الدالة على أن المشترى يملك المبيع بالعقد.
وأما ما ذكر من أن الحكم كذلك لو أتلفه البائع فهو خلاف ما هو المشهور بينهم ، كما قدمناه ذكره في المسألة المشار إليها من أن الحكم هنا انما هو تخير المشترى بين الرجوع بالثمن بأن يفسخ العقد ، وبين مطالبة المتلف بالمثل أو القيمة سواء كان البائع أو الأجنبي ، ولهذا قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك هنا بعد ذكر القول المذكور : والأقوى تخير المشترى بين الفسخ ، وإلزام البائع بالمثل ، أما الفسخ فلان المبيع مضمون على البائع قبل القبض ، واما إلزامه بالعوض فلأنه أتلف ماله ، لان المبيع قد انتقل إلى المشترى وان كان مضمونا على البائع كما لو أتلفه الأجنبي ، تمسكا بأصالة بقاء العقد ، واقتصارا بالانفساخ على موضع الوفاق. انتهى.
أقول : وقد تقدم في المسألة المشار إليها آنفا ما في هذا الكلام من تطرق الإيراد ، فإن قضية كونه قبل القبض مضمونا على البائع الاقتصار على الفسخ وعدم
__________________
(١) ص ٧٧.