وأنت خبير بما فيه ، لان الدليل غير منحصر في الخبر المذكور ، ليخرج بتأويله عن الإشكال ، فإن الخبرين الأولين صريحان في البيع ، والمسألة كما ترى محل اشكال.
وبعض المحققين احتمل في روايتي عبد الرحمن أن يكون التمر والحنطة بمعنى تمرة وحنطة فيكون الالف واللام عوضا عن الضمير المضاف اليه ، قال : بل هو المتبادر ، ولو أراد العموم لكان التنكير أولى ، وهو بتمر وحنطة. انتهى وهو احتمال قريب لا بأس به في مقام الجمع بين الاخبار ، لشيوع هذا الاستعمال في الكلام.
ومن أخبار المسألة ما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح عن يعقوب بن شعيب (١) عن أبى عبد الله (عليهالسلام) قال : «سألته عن الرجل يكون له على الأخر مأة كر تمر وله نخل فيأتيه فيقول أعطني نخلك هذا بما عليك فكأنه كرهه». والمراد تمر نخلك وظاهر هذا الخبر كراهة بيع الثمرة بجنسها من غير المبيع.
ويمكن حينئذ الجمع بين الاخبار بتخصيص التحريم بما كان من المبيع ، والجواز على كراهة بما كان من غيره ، ويحمل النهي في روايتي عبد الرحمن على ما هو الأعم من التحريم أو الكراهة ، وليس فيه الا ما ربما يقال من عدم جواز استعمال المشترك في معنييه ، وهو وان اشتهر بينهم الا أنه في الاخبار كثير شائع ، كما نبهنا عليه في جملة من المواضع في كتاب العبادات ، وقد نقلنا ثمة عن الذكرى أيضا جواز ذلك.
ومن أخبار المسألة ما رواه في الكافي والتهذيب في الحسن عن الحلبي (٢) عن أبى عبد الله (عليهالسلام) في حديث قال : «لا بأس أن تشترى زرعا قد سنبل وبلغ بحنطة». وهذا الخبر كما ترى يدل على جواز المزابنة ، وان كان الثمن من
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ١٩٣ التهذيب ج ٧ ص ١٢٥ الفقيه ج ٣ ص ١٤٢.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٢٧٤ التهذيب ج ٧ ص ١٤٢.