وتردد العلامة في التذكرة هنا فقال : ولو دفع الغابن التفاوت احتمل سقوط خيار المغبون لانتفاء موجبه وهو النقص ، وعدمه لانه ثبت له ، فلا يزول عنه الا بسبب شرعي انتهى. مع انه قد ادعى الإجماع (١) على عدم ثبوت الأرش به ، قالوا ولا يسقط الخيار هنا بالتصرف وظاهرهم انه سواء كان المتصرف الغابن في مال المغبون أو بالعكس خرج به عن الملك كالبيع أم منع من الرد كالاستيلاد أم لا.
ولهم في هذه المسألة تفاصيل وشقوق عديدة أنهاها شيخنا في الروضة والمسالك الى ما يزيد على مأتي مسألة ، وأطال في تقريرها وليس في التعرض لذكرها مزيد فائدة مع خلوها من النصوص على العموم والخصوص. فمن أحب الوقوف عليها فليرجع الى أحد الكتابين المشار إليهما.
والمشهور أن الخيار هنا فوري وقيل : بأنه على التراخي ، وعلل الأول بعموم الأمر بالوفاء بالعقود ، وأن الأصل بناء العقود على اللزوم ، فيقتصر فيما خالفه على موضوع اليقين ، وهو المقدار الذي يمكن حصوله فيه ، ولاقتضاء التراخي الإضرار بالمردود عليه حيث يختلف الزمان ، ويؤدى الي تغيير المبيع.
ولا يخفى ما في بناء الأحكام الشرعية على مثل هذه الوجوه من المجازفة وعلل الثاني بثبوت أصل الخيار فيستصحب الى ان يثبت المزيل لانتفاء الدليل على خصوص الفورية ، ولا يخفى ان هذا هو الأقرب والأنسب بقواعدهم والاربط بضوابطهم.
__________________
(١) وجه المدافعة هو ان مقتضى دعوى الإجماع من أنه لا يجب عليه به أرش ان يكون له الخيار وان بذل الغابن الغبن ، وذلك لان اللازم من الغبن والمترتب عليه انما هو اما هو الخيار بين الإمساك مجانا أو الرد ، لا التفاوت بين الثمن والقيمة الموجب للغبن سواء بذله الغابن أم لا وهذا هو الذي ادعى عليه الإجماع ، فكيف يتردد مع بذل الغابن الغبن ، مع انه ليس بما يترتب على الغبن وانما يترتب عليه مجرد الخيار ـ منه رحمهالله.