تساوى العبدين من كل وجه فلا استبعاد حينئذ في بيع أحدهما لا بعينه ، كما لو باعه من متساوي الأجزاء بعضه ، كما لو باعه قفيزا من الصبرة ، واما تضمين النصف فلان البيع وقع مشاعا على أحدهما فقبل الاختيار يكون العبدان بينهما ، فلما أبق أحدهما ضمن نصف الذي اشتراه ، والنصف الأخر لا يضمنه ، لانه مقبوض على وجه السوم ، والعبد الباقي بينهما لشياع الاستحقاق في العبدين. انتهى.
أقول : وجه الإشكال في الرواية المذكورة من حيث أنه اشترى عبدا في الذمة ، وهو أمر كلي يتوقف على تشخيصه في عين مخصوصة متصفة بما وقع عليه الاتفاق من الأوصاف ، والخبر دل على انحصار ذلك الأمر الكلي في العبدين قبل تعيينه ، ومن حيث دلالة الخبر على ثبوت البيع في نصف الموجود الموجب للشركة مع عدم وجود ما يقتضي الشركة ، ثم الرجوع الى التخيير لو وجد الآبق ، ومن أجل هذه الإشكالات نزل بعض الأصحاب ـ (رضوان الله عليهم) الرواية المذكورة ـ على تقدير أربع مقدمات ، الاولى ـ تساويهما قيمة ، الثانية ـ مطابقتهما للمبيع الكلى وصفا ، الثالثة ـ انحصار الحق فيهما حيث دفعهما اليه وعينهما للتخيير ، كما لو حصر الحق في واحد ، الرابعة ـ عدم ضمان المقبوض بالسوم فلا يضمن الآبق هنا ، أو تنزيل هذا التخيير هنا منزلة الخيار في البيع فكما ان تلف المبيع في مدة الخيار من البائع ، فكذلك هيهنا متى تلف قبل الاختيار (١).
ولا يخفى ما في البناء على هذه المقدمات من الاشكال لما يمكن تطرقه إلى جملة منها ، ولهذا قيل انه يشكل الحكم بانحصار الحق فيهما على هذه التقادير ، لان المبيع أمر كلي لا يشخص الا بتشخيص البائع ، ودفعه الاثنين ليتخير أحدهما ليس تشخيصا وان حصر الأمر فيهما ، لأصالة بقاء الحق في الذمة الى ان يثبت شرعا كون ذلك كافيا ، كما لو حصره في عشرة فصاعدا ، وما ذكره في المختلف ـ من التنزيل ـ على تساوى
__________________
(١) مرجع المقدمة الرابعة الى أن عدم الضمان مترتب على أحد الأمرين المذكورين منه ـ رحمهالله.