فإذا نادى عليه بريء من كل عيب فيه ، فإذا اشتراه المشترى ورضيه ولم يبق الا نقده الثمن فربما زهده ، فإذا زهد فيه ادعى فيه عيوبا وأنه لم يعلم بها ، فيقول له المنادي : قد برئت منها ، فيقول المشترى : لم أسمع البراءة منها أيصدق فلا يجب عليه الثمن أم لا يصدق فيجب عليه الثمن؟ فكتب : عليه الثمن».
فإنه ظاهر في أنه عالم بالنداء بالبراءة ، وأنه رضيه مع ذلك ، الا أنه لما تجدد له زهده وعدم الرغبة فيه ، ادعى عدم علمه بالعيوب وعدم سماعه النداء ، فهذه الدعوى إنما نشأت من حيث زهده فيه وعدم رغبته ، لا من حيث العيوب.
وحينئذ فلا يكون الخبر مخالفا للقاعدة المتفق عليها ، ولا يحتاج الى طرحه ، وكثيرا ما يحكمون (عليهمالسلام) في بعض الأحكام بمقتضى علمهم بالحال ، فكيف مع ظهور ذلك في السؤال.
الرابعة ـ التصرية تدليس يثبت به الخيار بين الرد ، والإمساك بالثمن بلا أرش ، كما في خيار التدليس في غير هذا الموضع والتصرية مصدر من قولك صريت إذا جمعت بين الصرى ، وهو الجمع.
يقال : صرى الماء في الحوض إذا جمعه ، (١) وصريت الشاة تصرية إذا تركت حبلها أياما حتى يجتمع اللبن في ضرعها ، والشاة مصراة وتسمى المصراة محفلة أيضا ، وهو من الحفل ، ومنه قيل للمجمع : محفل.
والمراد هنا أن يربط إحلاف الشاة ونحوها يومين أو ثلاثة ، فيجتمع اللبن في ضرعها ، ويظن الجاهل بحالها أنها لكثرة ما تحلبه كل يوم ، فيرغب في شرائها.
قال في المسالك : «والأصل في تحريمه مع الإجماع النص
__________________
(١) قال في المصباح المنير : وصرى الماء صريا طال مكثه ، ويتعدى بالحركة فيقال : صريته صريا من باب رمى إذا جمعته فصار كذلك ، وصريته بالتشديد مبالغة ، منه رحمهالله.