الباطل ، وإذا مدح أحدا مدحه بما فيه ، وأمّا الشّتم فالإمساك عنه واجب ولو كان حقّا فذلك الإمساك هو العدل لأنّ الله أمر به.
وفي التّعليق بأداة الشّرط في قوله : (وَإِذا قُلْتُمْ) إشارة إلى أنّ المرء في سعة من السكوت إن خشي قول العدل. وأمّا أن يقول الجور والظّلم والباطل فليس له سبيل إلى ذلك ، والكذب كلّه من القول بغير العدل ، على أنّ من السكوت ما هو واجب. وفي «الموطأ» أنّ رجلا خطب إلى رجل أخته فذكر الأخ أنّها قد كانت أحدثت فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب فضربه أو كاد يضربه ثمّ قال : «ما لك وللخبر».
والواو في قوله : (وَلَوْ كانَ) واو الحال ، ولو وصلية تفيد المبالغة في الحال التي من شأنها أن يظنّ السّامع عدم شمول الحكم إيّاها لاختصاصها من بين بقيّة الأحوال التي يشملها الحكم ، وقد تقدّم بيانها عند قوله تعالى : (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ) في سورة آل عمران [٩١] ، فإنّ حالة قرابة المقول لأجله القول قد تحمل القائل على أن يقول غير العدل ، لنفع قريبه أو مصانعته ، فنبّهوا على وجوب التزام العدل في القول في تلك الحالة ، فالضّمير المستتر في (كان) كائد إلى شيء معلوم من الكلام : أي ولو كان الذي تعلّق به القول ذا قربى.
والقربى : القرابة ويعلم أنّه ذو قرابة من القائل ، أي إذا قلتم قولا لأجله أو عليه فاعدلوا ولا تقولوا غير الحقّ ، لا لدفع ضرّه بأن تغمصوا الحقّ الذي عليه ، ولا لنفعه بأن تختلقوا له حقّا على غيره أو تبرءوه ممّا صدر منه على غيره ، وقد قال الله تعالى في العدل في الشّهادة والقضاء : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [النساء : ١٣٥].
وقد جاء طلب الحقّ في القول بصيغة الأمر بالعدل ، دون النّهي عن الظلم أو الباطل : لأنّه قيّده بأداة الشّرط المقتضي لصدور القول : فالقول إذا صدر لا يخلو عن أن يكون حقّا أو باطلا ، والأمر بأن يكون حقّا أوفى بمقصد الشّارع لوجهين : أحدهما : أنّ الله يحبّ إظهار الحقّ بالقول ، ففي الأمر بأن يكون عدلا أمر بإظهاره ونهي عن السّكوت بدون موجب. الثّاني : أنّ النّهي عن قول الباطل أو الزّور يصدق بالكلام الموجّه الذي ظاهره ليس بحقّ ، وذلك مذموم إلّا عند الخوف أو الملاينة ، أو فيما لا يرجع إلى إظهار حقّ ، وتلك هي المعاريض التي ورد فيها حديث : «إنّ في