القليل منهم للكثير من المشركين ، فإنّ تكرر مزاولة العمل الشاقّ تفضي إلى الضجر.
والضعف : عدم القدرة على الأعمال الشديدة والشاقّة ، ويكون في عموم الجسد وفي بعضه وتنكيره للتنويع ، وهو ضعف الرهبة من لقاء العدد الكثير في قلّة ، وجعله مدخول (في) الظرفية يومئ إلى تمكّنه في نفوسهم فلذلك أوجب التخفيف في التكليف.
ويجوز في ضاد (ضعف) الضمّ والفتح ، كالمكث والمكث ، والفقر والفقر ، وقد قرئ بهما ؛ فقرأه الجمهور ـ بضمّ الضاد ـ وقرأه عاصم ، وحمزة ، وخلف ـ بفتح الضاد ـ.
ووقع في كتاب «فقه اللغة» للثعالبي أنّ الفتح في وهن الرأي والعقل ، والضم في وهن الجسم ، وأحسب أنّها تفرقة طارئة عند المولّدين.
وقرأ أبو جعفر ضعفاء ـ بضمّ الضاد وبمدّ في آخره ـ جمع ضعيف.
والفاء في قوله : فإن تكن (مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ) لتفريع التشريع على التخفيف.
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، ويعقوب تكن بالمثناة الفوقية. وقرأه البقية ـ بالتحتية ـ للوجه المتقدّم آنفا.
وعبّر عن وجوب ثبات العدد من المسلمين لمثليه من المشركين بلفظي عددين معيّنين ومثليهما : ليجيء الناسخ على وفق المنسوخ ، فقوبل ثبات العشرين للمائتين بنسخه إلى ثبات مائة واحدة للمائتين فأبقي مقدار عدد المشركين كما كان عليه في الآية المنسوخة ، إيماء إلى أنّ موجب التخفيف كثرة المسلمين ، لا قلّة المشركين ، وقوبل ثبات عدد مائة من المسلمين لألف من المشركين بثبات ألف من المسلمين لألفين من المشركين إيماء إلى أنّ المسلمين الذين كان جيشهم لا يتجاوز مرتبة المئات صار جيشهم يعدّ بالآلاف.
وأعيد وصف مائة المسلمين ب (صابِرَةٌ) لأنّ المقام يقتضي التنويه بالاتّصاف بالثبات.
ولم توصف مائة الكفّار بالكفر وبأنّهم قوم لا يفقهون : لأنّه قد علم ، ولا مقتضي لإعادته.
و (بِإِذْنِ اللهِ) أمره فيجوز أن يكون المراد أمره التكليفي ، باعتبار ما تضمّنه الخبر من الأمر ، كما تقدّم ، ويجوز أن يراد أمره التكويني باعتبار صورة الخبر والوعد.