عارضة ، لليقين ، لا يعرف فاعل انقداحها في العقل ، وغاية ما يعرف أن يقال : ازداد إيمان فلان ، أو ازداد فلان إيمانا ، بطريق ما يدل على المطاوعة ، ولا التفات في الاستعمال إلى أن الله هو خالق الأحوال ، كلها إذ ليس ذلك معنى الفاعل الحقيقي في العرف ، ولو لوحظ ذلك لم ينقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز عقليين وإنما الفاعل الحقيقي هو من يأتي بالفعل ويصنعه كالكاتب للكتابة والضارب بالسيف للقتل.
والإيمان : تصديق النفس بثبوت نسبة شيء لشيء ، أو بانتفاء نسبة شيء عن شيء ، تصديقا جازما لا يحتمل نقيض تلك النسبة ، وقد اشتهر اسم الإيمان شرعا في اليقين بالنسبة المقتضية وجود الله ووجود صفاته التي دلت عليها الأدلة العقلية أو الشرعية ، والمقتضية مجيء رسول الله مخبرا عن الله الذي أرسله وثبوت صفات الرسول عليه الصلاة والسلام التي لا يتم معنى رسالته عن الله بدونها : مثل الصدق فيما يبلغ عن الله ، والعصمة عن اقتراف معصية الله تعالى.
ومعنى زيادة الإيمان : قوة اليقين في نفس الموقن على حسب شدة الاستغناء عن استحضار الأدلة في نفسه ، وعن إعادة النظر فيها ، ودفع الشك العارض للنفس ، فإنه كلما كانت الأدلة أكثر وأقوى وأجلى مقدمات كان اليقين أقوى ، فتلك القوة هي المعبر عنها بالزيادة ، وتفاوتها تدرج في الزيادة ، ويجوز أن تسمى قلة التدرج في الأدلة نقصا لكنه نقص عن الزيادة ، وذلك مع مراعاة وجود أصل حقيقة الإيمان ، لأنها لو نقصت عن اليقين لبطلت ماهية الأيمان ، وقد أشار البخاري إلى هذا بقوله : «باب زيادة الإيمان ونقصانه فإذا ترك شيئا من الكمال فهو ناقص» فلو أن نقص الأدلة بلغ بصاحبه إلى انخرام اليقين لم يكن العلم الحاصل له إيمانا ، حتى يوصف بالنقص ، فهذا هو المراد من وصف الإيمان بالزيادة ، في القرآن وكلام الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهو بين. ولم يرد عن الشريعة ذكر نقص الإيمان ، وذلك هو الذي يريده جمهور علماء الأمة إذا قالوا الإيمان يزيد كما قال مالك بن أنس الإيمان يزيد ولا ينقص ، وهو عبارة كاملة ، وقد يطلق الإيمان على الأعمال التي تجب على المؤمن وهو إطلاق باعتبار كون تلك الأعمال من شرائع الإيمان ، كما أطلق على الصلاة اسم الإيمان في قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) [البقرة : ١٤٣] ولكن الاسم المضبوط لهذا المعنى هو اسم (الإسلام) كما يفصح عنه حديث سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام والإحسان ، فالإيمان قد يطلق على الإسلام وهو بهذا الاعتبار يوصف بالنقص والزيادة باعتبار الإكثار من الأعمال والإقلال ، ولكنه ليس المراد في هذه الآية ولا