المفعول ، أي مكتوبة كقول الراعي :
كان كتابها مفعولا (١)
وجعل تلك الأولوية كائنة في كتاب الله كناية عن عدم تعبيره ، ا لأنّهم كانوا إذا أرادوا توكيد عهد كتبوه. قال الحارث بن حلّزة :
حذر الجور والتّطاخي وهل ين |
|
قض ما في المهارق الأهواء |
فتقييد أولوية أولي الأرحام بأنّها في كتاب الله للدلالة على أنّ ذلك حكم فطري قدّره الله وأثبته بما وضع في الناس من الميل إلى قراباتهم ، كما ورد في الحديث : «إن الله لما خلق الرحم أخذت بقائمة من قوائم العرش وقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة» الحديث. فلمّا كانت ولاية الأرحام أمرا مقررا في الفطرة ، ولم تكن ولاية الدين معروفة في الجاهلية بيّن الله أنّ ولاية الدين لا تبطل ولاية الرحم إلّا إذا تعارضتا ، لأنّ أواصر العقيدة والرأي أقوى من أواصر الجسد ، فلا يغيّره ما ورد هنا من أحكام ولاية الناس بعضهم بعضا ، وبذلك الاعتبار الأصلي لولاية ذوي الأرحام كانوا مقدمين على أهل الولاية ، حيث تكون الولاية ، وينتفي التفضيل بانتفاء أصلها ، فلا ولاية لأولي الأرحام إذا كانوا غير مسلمين.
واختلف العلماء في أنّ ولاية الأرحام هنا هل تشمل ولاية الميراث : فقال مالك بن أنس هذه الآية ليست في المواريث أي فهي ولاية النصر وحسن الصحبة ، أي فنقصر على موردها ولم يرها مساوية للعام الوارد على سبب خاصّ إذ ليست صيغتها صيغة عموم ، لأن مناط الحكم قوله : (أَوْلى بِبَعْضٍ).
وقال جماعة تشمل ولاية الميراث ، ثم اختلفوا فمنهم من قال : نسخت هذه الولاية بآية المواريث ، فبطل توريث ذوي الأرحام بقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر» فيكون تخصيصا للعموم عندهم.
وقال جماعة يرث ذوو الأرحام وهم مقدمون على أبناء الأعمام ، وهذا قول أبي حنيفة وفقهاء الكوفة ، فتكون هذه الآية مقيّدة لإطلاق آية المواريث ، وقد علمت ممّا تقدّم كلّه أنّ في هذه الآيات غموضا جعلها مرامي لمختلف الأفهام والأقوال. وأيّا ما كانت فقد
__________________
(١) أول البيت.
حتى إذا قرت عجاجة فتنة |
|
عمياء كان كتابها مفعولا |