لما ذكر قبله ، تقديره : هذا الحال كحال ما أخرجك ربك من بيتك بالحق ، ووجه الشبه هو كراهية المؤمنين في بادئ الأمر لما هو خير لهم في الواقع وإما بتقدير مصدر لفعل الاستقرار الذي يقتضيه الخبر بالمجرور في قوله (الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) [الأنفال : ١] إذ التقدير : استقرت لله والرسول استقرارا كما أخرجك ربك ، أي فيما يلوح إلى الكراهية والامتعاض في بادئ الأمر ، ثم نوالهم النصر والغنيمة في نهاية الأمر ، فالتشبيه تمثيلي وليس مراعى فيه تشبيه بعض أجزاء الهيئة المشبهة ببعض أجزاء الهيئة المشبّه بها ، أي أن ما كرهتموه من قسمة الأنفال على خلاف مشتهاكم سيكون فيه خير عظيم لكم ، حسب عادة الله تعالى بهم في أمره ونهيه ، وقد دل على ما في الكلام من معنى مخالفة مشتهاهم قوله (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الأنفال : ١] كما تقدم ، مع قوله في هذه الجملة (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ).
فجملة : (وَإِنَّ فَرِيقاً) في موضع الحال والعامل فيها (أَخْرَجَكَ رَبُّكَ) هذا وجه اتصال كاف التشبيه بما قبلها على ما الأظهر ، وللمفسرين وجوه كثيرة بلغت العشرين قد استقصاها ابن عادل ، وهي لا تخلو من تكلف ، وبعضها متحد المعنى وبعضها مختلفه ، وأحسن الوجوه ما ذكره ابن عطية ومعناه قريب مما ذكرنا وتقديره بعيد منه.
والمقصود من هذا الأسلوب : الانتقال إلى تذكيرهم بالخروج إلى بدر وما ظهر فيه من دلائل عناية الله تعالى برسوله صلىاللهعليهوسلم وبالمؤمنين.
وما مصدرية. والإخراج : إما مراد به الأمر بالخروج للغزو ، وإما تقدير الخروج لهم وتيسيره.
والخروج مفارقة المنزل والبلد إلى حين الرجوع إلى المكان الذي خرج منه ، أو إلى حين البلوغ إلى الموضع المنتقل إليه.
والإخراج من البيت : هو الإخراج المعيّن الذي خرج به النبي صلىاللهعليهوسلم غازيا إلى بدر.
والباء في (بِالْحَقِ) للمصاحبة أي إخراجا مصاحبا للحق ، والحق هنا الصواب ، لما تقدم آنفا من أن اسم الحق جامع لمعنى كمال كل شيء في محامد نوعه.
والمعنى أن الله أمره بالخروج إلى المشركين ببدر أمرا موافقا للمصلحة في حال كراهة فريق من المؤمنين ذلك الخروج.
وقد أشار هذا الكلام إلى السبب الذي خرج به المسلمون إلى بدر ، فكان بينهم وبين